علي الخزيم
يختلف الناس عامتهم أو المعنيون بالقضاء والقانون والمحاماة برؤيتهم تجاه عقوبة المتحرش بالغير أو من اقترف فعلاً خادشاً للحياء أو أحد الأفعال الفاضحة؛ وهي تسميات تتبعها تعريفات تُبنى عليها الأحكام بشأن من ضُبط متجنياً بأحدها؛ فحين ترى فئة التشديد بالعقوبة إلى حد التشهير به على الملأ، ترى فئة أخرى أنه من الأفضل الاكتفاء بالعقوبات المشددة دون التشهير، فئة ثالثة ترى أن الأنجع هي العقوبات الإصلاحية التوجيهية دون تشهير بالجاني.
وكانت شرطة منطقة الرياض على سبيل المثال قد أعلنت بلسان متحدثها الرسمي (إنه في إطار متابعة الجهات الأمنية مهامها في تنفيذ لائحة المحافظة على الذوق العام، المعتمدة بقرار مجلس الوزراء الموقر رقم (444) بتاريخ 4 -8- 1440هـ؛ فقد تم ضبط مجموعة من الشباب من الجنسين بمخالفات خادشة للحياء بمناسبات ترفيهية مختلفة في إطار موسم الرياض الترفيهي) ولم تحدد جنسياتهم أو أعمارهم، وتم تطبيق العقوبات المناسبة بحقهم.
ومن محاسن أداء المتحدث الرسمي أنه لم يذكر الأسماء ولا الجنسيات والأعمار؛ فهي لن تضيف للمتلقي العادي شيئاً مهماً، لكن برأيي أنها تضيف للمختصين والباحثين والدارسين أشياء مهمة جداً لا سيما إذا كانوا من المكلفين بتدارس أوضاع مثل هؤلاء المتحرشين ووضع الحلول المناسبة للحد من هذه الممارسات والقضاء عليها، وهذا ما يمكن الحصول عليه بالتواصل المباشر مع جهة الاختصاص للتزود بالمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات والبحوث.
من ذهب لتشديد العقوبات استدلوا بما اتخذ بشأن متحرشين صوروا أفعالهم ونشروها، ثم صدرت توجيهات النائب العام بضبطهم ومعاقبتهم مما حدَّ كثيراً من نشر مثل هذه المقاطع، غير أن من مالوا للتوسط بالعقوبة يرون أن الجناة بمواقع الترفيه لم يتعمدوا التصوير بل شاهدتهم الأعين الرقيبة وضبطتهم، فيما رأى المرجِّحون لوسائل الإصلاح والتهذيب كعقوبة أنها تستميل مرتكبي مثل هذه الجنح للتوبة والتمعُّن بخطورة ما أقدموا عليه وإقناعهم بأسلوب تربوي بأهمية التقيد بتعاليم الشرع والأنظمة المرعية والآداب العامة، ما قد يكون له الأثر الأبلغ بإصلاحهم، ذلك أنهم يرونهم أفراداً قد حادوا عن الطريق السليم بتلك الحالات أثناء التجمعات، وأن الأمل بأن يعوا الأمور كما هي بصوابها مستقبلاً، ولئلا تكون وصمة عار تلاحقهم بكِبَرهم على اعتبار أنهم سيكبرون وتكبر معهم عقولهم وتنموا مداركهم، وباندماجهم وامتزاجهم الأمثل بالمجتمع ستستقيم أحوالهم وسلوكياتهم، وسيدخلون بمراحل الزواج والإنجاب فعند ذلك لو عرف عنهم المجتمع المحيط بهم ما كان من أمرهم وما لحق بهم من عقوبات مدونة بسجلاتهم وسوابقهم؛ فقد تكون هذه السوابق رغم هدايتهم واستقامتهم حاجزاً وحجر عثرة أمام إكمال مشروعاتهم الأسرية التي ندب إليها الشرع الحكيم كالزواج.
كل الآراء والمبررات والتوجهات بشأن عقوبات المتحرشين ونحوهم، تبقى وجهات نظر - برأيي - أنها محل التقدير والاحترام، وجديرة بالتأمل والبحث والاستقصاء، إلا أن التمادي بالإخلال بالمناسبات الاجتماعية الوطنية ومنها الترفيهية، واستظراف بعض المراهقين بممارسات ممجوجة للفت انتباه الغير بما فيها التحرش؛ لا زالت بحاجة للردع بالعقوبات.