خالد بن حمد المالك
أكبر خطأ سوف ترتكبه حكومة العراق إذا ما استمرت تواصل ارتباطها مع النظام الإيراني كما هي عليه الآن؛ فقد تحولت بغداد منذ سنوات إلى ساحة للصراع الأمريكي - الإيراني، ولم تعد مواقف العراق، وعلاقاته الدولية، وسياساته الداخلية، مستقلة عن التوجُّه الإيراني والسياسة الإيرانية، وهذا خطأ سياسي جسيم.
* *
فأطماع إيران في دولنا، وتآمرها علينا، وجر منطقتنا إلى أتون الحروب المدمرة، هو إجراء خبيث، تقصد منه إيران أن تشركنا في أزماتها الطاحنة، وتحوِّلنا إلى وكلاء لها لإيذاء الآخرين؛ فيكون الضحايا منا، والدمار عندنا، والخسائر في مصالحنا، سواء منفردين، أو بالشراكة معها.
* *
فمقتل الإرهابي الإيراني قاسم سليماني تم على الأرض العراقية لا في إيران، وجاءت تصفيته في بغداد بدلاً من طهران باعتبارها الموقع المناسب للكمين الذي نُفّذت فيه الضربة الأمريكية القوية بنجاح؛ كونه يتردد على العراق، كما لو أنه في طهران، حيث الدعم والغطاء الأمني والتسهيلات التي يقدمها تنظيم الحشد الشعبي لهذا الإرهابي الخطير؛ بدليل أن الرجل الثاني في الحشد الشعبي كان من بين مرافقيه لتمرير مؤامراته وخططه الإرهابية.
* *
فما الذي يفيد العراق في أن تهاجَم السفارة الأمريكية في بغداد، أو أن يُقتل عدد من الجنود الأمريكيين على أيدي عملاء إيران في عدد من دول العالم؟ متناسين أن أمريكا هي من خلصت العراق من نظام البعث وقيادة صادم حسين للعراق، وهي - أمريكا لا غير - مَن سلمت قيادة العراق لهؤلاء الذين يتآمرون عليها الآن، وهي من أعادت العلاقات العراقية - الإيرانية بعد سنوات من القتال بين الدولتين بحسب التفاهم الأمريكي - الإيراني؛ ليكون جزاء أمريكا هذا التآمر الإيراني عليها وعلى حلفائها في المنطقة.
* *
إن التخلص من إرهابي بمستوى قاسم سليماني فيه فائدة للعراق ولإيران معًا؛ فقد ورَّط إيران بأعمال إرهابية، وكان بمغامراته وقيادته للعمليات الإرهابية في أكثر من دولة ضمن أسباب عزلتها عن العالم، وهو مَن أجج الصراعات بين المكونات والمذاهب والقوميات في العراق، وجعل البلاد في حالة من عدم الاستقرار، ملوحًا أحيانًا بالتهديد، وأحيانًا بالتنفيذ لكل مَن يخالفه، أو ينحو بعيدًا في عدم الاستجابة لتعليماته.
* *
فهل يصحو العراقيون، ويتخلصون من التبعية لإيران بعد سنوات من الارتماء في أحضانها، والعودة إلى الحضن العربي الدافئ؛ ليعود العراق كما كان قويًّا ومستقلاً؛ ومن ثم يلتفت مسؤولوه إلى إعادة بناء الدولة، والاهتمام بالشعب، مدعومًا من أشقائه العرب، كما كان هذا حاله قبل أن تبسط إيران نفوذها عليه، وتحوِّل مساره وسياسته إلى ما يرضي الضمير المريض لدى قادة ولاية الفقيه في إيران؟