فهد بن جليد
شركات التبغ خدعتنا، فبدل أن كنا نسعى للحد من التدخين والتأثير على سلوك المُستهلك بشكل إيجابي، بتنا نسهر ونحرس ونتسابق ونتباشر بحصول المُستهلك المحلي على أجود أنواع النكهات المزاجية للتبغ من هذه الشركات، أمر مُضحك وفي غاية الغرابة وكأنَّ هناك خطة مُحكمة انطلت علينا، يقول نص بيان اللجنة المُشكلة لدراسة نتائج الفحص «تم توجيه الشركات ووكلائها بالتواصل مع المستهلكين بشكل مباشر من خلال مراكز اتصال مُخصصة لاستقبال شكاوى وملاحظات المستهلك ومعالجتها تحت إشراف وزارة التجارة والاستثمار» ولا أعرف من حقق أهدافه هنا؟.
ما زالت هناك (حلقة مفقودة) وغير واضحة في قضية الدخان الجديد أو (المغشوش) وإن لم تقل ذلك صراحة اللجنة المشكلة، وهو ما يستوجب إيقاع غرامة (الغش التجاري) بكل شفافية وصرامة بحق شركات التبغ الخمس المتورِّطة في تغيير النكهة أو كما أُطلق عليها بـ(سمات النكهة) التي لا تغير اللوائح الفنية والسمات المعتمدة، بدلاً من حراسة (جودة المنتج)، ولماذا هذه الحنية مع شركات التبغ فيما يشبه (الطبطبة) من هيئة الغذاء والدواء، فما أراه من -وجهة نظري الشخصية- هو (جريمة غش) مُكتملة الأركان بتغيير (النكهات أو السمات) عندما استغلت شركات التبغ -بكل ذكاء- المواصفات السعودية الجديدة للمغلف الخارجي، لتمرِّر هذا التعديل حتى تشكل ضغطاً وتحرج الجهات التشريعية والرقابية السعودية أمام المُستهلك المحلي، بتنا نكتوي بنيران (تجار التبغ) مرتين، الأولى بما تتحمله الدولة من مليارات لعلاج آثار هذا المُنتج الضار والخسائر البشرية والمادية التي يخلفها، والمرة الجديدة بحراستنا لوصول هذا المنتج الضار إلى المُستهلك بجودة تلبي تطلعاته ومزاجه، أكتب هذا الكلام بكل مرارة، لأنَّ المجتمع كان يترقب نتائج شفافة مصحوبة بغرامات وعقوبات.
مُجرَّد سؤال أخير -أرجو أن يتقبله المسؤول عن هذا الملف بكل رحابة صدر- لماذا نتحمَّل خطأ شركات التبغ التي حاولت تغيير (سمات النكهة) لأهداف غير مفهومة؟ نحتاج الشفافية والصراحة حتى نقتنع بما حدث، فلا يمكن استيعاب أنَّ الخطة تبدلت فجأة من حث الناس على ترك التدخين، إلى التأكد من حصولهم على أعلى معايير المزاج وأجود (النكبات)، عفواً أقصد (النكهات)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.