د.عبدالعزيز الجار الله
رحيل قاسم سليماني وغيابه عن مشهد الخليج العربي والمشرق العربي هو نفسه (قاسم) بين الخير والشر، ونهاية مرحلة وبداية مرحلة، وعودة العقل لإيران أو الاستمرار في الطيش والتعنت والاستكبار، كانت الثماني سنوات من الحرب مع العراق «قادسية صدام حسين» كافية من 1980 إلى 1988م لاستيعاب درس الحروب، لكن إيران رأت في غزو صدام للكويت عام 1990 ثم تحرير الكويت عام 91م، وغزو أمريكا للعراق عام 2003م فتح شهية التمادي والإصرار على الاستكبار باحتلال إيراني للعراق عام 2006 بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وتطور الأمر لدى إيران عندما حاولت أن تستفيد من الربيع العربي عام 2010م في احتلال المشرق العربي سورية واليمن والبحرين وزعزعة دول الخليج.
قراءة غير متأنية وغير دقيقة لواقع الشرق العربي، واندفاع غير مدروس من صقور إيران بقيادة الملالي ممن يعيشون في وهم دولة فارس والإمبراطورية التي دمرها العرب في الوقت المبكر للعهد الإسلامي في الربع الأول من القرن الأول الهجري، وكان الصقور الذين جعلوا من سليماني رأس الحربة لإشعال وتخريب الشرق العربي، جاءهم الرد من أمريكا ليعودوا إلى عقولهم إما الرجوع إلى الوعي والعقل، أو الاستمرار في التهور الذي ينتهي بتقسيم إيران إلى أقاليم ودويلات.
إيران لن تكف عن مطاردة وهم وخيال الدولة الفارسية، وصورة سليماني بطل تخريب الدول رسمته لبطل من ورق كرتوني في أول مواجهة أمريكية تم تمزيقه، والقيادات في إيران والعراق تدرك مدى القوة الأمريكية، وأن الحرب لن تكون على أراض الوكلاء والميليشيات والوكالة أو حتى العراق، ستكون في العمق الإيراني كما حدث في تحرير الكويت بدأت الحرب في بغداد، وأن أقاليم الجمهورية الإيرانية تنتظر هذه الفرصة لعودة الأقاليم إلى موطنها: الأذربيجاني، والتركماني والعربي والباكستاني، والكردي والقوميات الأخرى.
الزمن لن يعود إلى الوراء، والشيطنة الإيرانية من يتحمل مغامراتها فقد خسرت المنطقة البشر والمال والتنمية بلا مقابل، والسليماني وفريق عمله ومشروعه دفن على طريق مطار بغداد.