يقول الشيخ الشعراوي: (معنى قولهم: اتَّقِ شر مَنْ أحسنتَ إليه؛ لأنه حين يراك يتذكر ما لك من يَد عليه وما لك من فضل، فيخزى ويشعر بالذلة؛ لأن وجودك يدكُّ كبرياءه؛ لذلك يكره وجودك، ويكره أنْ يراك، احذروا أنْ تُبطلوا المعروف بالرياء? أو بالأغراض الدنية؛ لأن معروفك هذا سيُنَكر، وسينقلب ما قدمتَ من خير شراً عليك. إذن: عليكم بالنظر في أعمالكم إلى وجه الله لا إلى غيره، فإنْ حدث وأنكر جميلك فجزاؤك محفوظ عند الله، وكأن ربك عزَّ وجلَّ يغار عليك، ويريد أنْ يحفظ لك الجميل ويدخره عنده).
في طبع بعض الأشخاص ممن نعرفهم، فقد تحسَّن لبعض الناس منهم وتجود عليهم، وتساعدهم وتقف بجانبهم وتمن عليهم بفضل الله عليك، وتبذل ما بوسعك من عطاء، حتى يرتقوا ويصبحوا في أفضل الأماكن، ولكنك لن تستطيع أن تقوم بتغيير سوء طباعهم، ولن تجني في النهاية سوى محصلة لنتيجة واحدة، وهي أن الطبع السيئ يغلب التطبع، وأحياناً الطبع السيئ قد ينتصر على أفعالك الطيبة معهم، فتجد نفسك لا تجني من خلفهم شيء سوى الألم، والجحود والحقد والغل ونكران الجميل، وقد يطولك الكثير من الأذى بسببهم، فبعض الأشخاص يغلبهم طبعهم في مقابل تطبعهم بما عند غيرهم.
الإحسان أمره عظيم وهو مطلوب ومحمود على الدوام.. وقد سُئل النبي الكريم في حديث جبريل عن الإحسان.. قال: «فأخبرني عن الإحسان»، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. وفي هذا دلالة على رقي وعظم مرتبة الإحسان، التي هي أعلى مراتب الدين وأشرفها، حيث اختص الله أهلها بالعناية وأيدهم بنصره في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.
قد تكون صفة نكران الجميل من الصفات المذمومة وغير المحببة والتي تساهم بشكل كبير في ابتعاد القلوب وضيق الصدور، وقد يواجه الأكثريّة منا هذه المواقف، ففي حياتنا نواجه ونتعرّف على أشخاص نهديهم أحاسيسنا بكل معانيها فنخاف على مصلحتهم ونقوم بتوجيههم وننصحهم في الخير والوقوف بجانبهم في كل وقت في الشدّة أو الرخاء، جميل أن ترى من يسعى لتقديم الخير والمساعدة وجميل أن ترى من يقيم ويعتبر بهذه المساعدة والخير، وفكرة المساعدة وتقديمها تدل على صاحبها المحب الطموح السليم التربية فهي دليل على احترام الآخر على أن لا تؤخذ على أنها نقطة في غير محلها وقد تفرض عليك الظروف أن تؤدي خدمة معينة ولكن هذا لا يمنع أن نبدي المساعدة لمن يحتاجها بشيء من الرغبة في إبدائها.