خالد بن حمد المالك
أفضل نصيحة يمكن أن تسدى لإيران بعد تصفية أمريكا لـ «قاسم سليماني»، أن تتعامل طهران مع أمريكا عبر المحاكم الدوليّة، لأن أيّ خيار عسكري لن يكون لصالحها، ولن تكون طهران قادرة على مواجهته.. وسيعامل من أمريكا على أنه عمل إرهابيّ يستحق الرد عليه بكلّ قوة وحزمٍ، وليس هناك تكافؤ في موازين القوى بين واشنطن وطهران، ومن الخطأ أن تتصرف إيران بأكثر من تقديم شكوى عبر القنوات الرسمية للجهات الدوليّة الحقوقيّة المختصة.
* *
فإيران دولة إرهابية باتفاق العالم، كما أن المقتول «قاسم سليماني»، هو من يشار إليه منذ زمن بعيد على أنه قائد العمليات الإرهابية الإيرانية التي تتم بالمنطقة.. بدليل أنّ لا أحداً من دول العالم استنكر الضربة الأمريكية، وإنما تعاملوا معها على المطالبة بضبط النفس، وعدم التصعيد، بما في ذلك الدول التي تربطها علاقات ليست سيئة مع إيران.
* *
الذين أيدوا إيران في مواقفهم من قتل «قاسم سليماني»، هم الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي عزى القيادة الإيرانية، واستنكر الحادث، ومثله صهره ووزير خارجيته جبران باسيل.. وهو موقف مساير لحليف إيران الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، الذي هو الآخر هدّد وتوعّد، فأرعد وأزبد بأنه سينتقم لدم ما أسماه بالشهيد (!!) «قاسم سليماني».. وهناك الرئيس السوري بشار الأسد، وقد برر تأثره لمقتل سليماني وتنديده بالولايات المتحدة الأمريكية، لأنه كان داعماً لاستمراره رئيساً لسوريا ضد إرادة الشعب.. وإلى جانب هؤلاء هناك المنظمات الفلسطينية العملية المرتبطة بإيران وهي: حماس والجهاد والجبهة الشعبية؛ وهذه تتعامل مع إيران على أنها أقرب إليها من العرب، مخدوعين بما يتجاهلونه عن تآمرها على قضيتهم، ثم القيادات العراقية الثلاث المغلوب على أمرها: الرئيس ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وآخرون.. وهذا الموقف يأتي وإيران تسيطر على القرار في العراق.
* *
إذاً نحن أمام ترحيب عالمي، ولو أنه كان ترحيباً غير مباشر بالقضاء على أحد الإرهابيين الخطرين الذين اقتصّت أمريكا منه لدماء الأبرياء الذين تلطخت بيد هذا الرجل الخطير؛ ما جعل الشرفاء في العراق يرقصون فرحاً بإنهائه من الوجود بأمل أن تكون بداية لاستقلال بلادهم من جهة، وانتهاء المواجهات مع الإرهابيين في المنطقة من جهة أخرى.. وهي رسالة قوية من الرئيس الأمريكي ترمب، بأن زعيمة دول العالم لن تقف متفرجة أمام هذا العبث الإيراني الذي أضر بأمريكا وبدول المنطقة.
* *
إنّ أيّ تصعيد من إيران ردّاً على الضربة الأمريكية القوية، ومحاولة منها -كردّ فعل لمقتل سليماني- لإشعال فتيل الحرب، وعدم معالجة أزماتها بالالتزام بالقوانين الدوليّة، وعدم التعامل بمبدأ حسن الجوار مع جيرانها، وكذلك عدم التخلص من ممارسة الأساليب الإرهابية، هو رهان سيكلف إيران كثيراً، وقد يجعلها دولة فاشلة بلا إمكانات اقتصادية أو عسكرية، أو قدرة لإعادة ما سوف تخلفه أيّ حرب من تدمير للمباني والطرق والمنشآت وغيرها، بما لا مصلحة لإيران بأن تكرر ألاعيبها السابقة، وتتنمر على دولة عظمى هي الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
النصيحة الأخيرة لقادة إيران، لا تصغوا لتأبين ودموع من أشرنا إليهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهؤلاء لا يملكون شيئاً، كما هو أنتم قادة إيران.. ولا مجال لتعبئة قواتكم في نزال عسكريٍّ مع أمريكا، دون أن تكون لديّكم القدرة على مواجهة أقوى قوة عسكرية في العالم، فربّما تحولت بلادكم إذا ما تصرفتم بغباء ودون حسابات للنتائج إلى دولة محروقة.