فهد بن جليد
الإقلال من الكتابة والتواصل الرقمي مع الإكثار من نقل المشاعر والتحدث مع الآخرين شفهيًّا عبر الهاتف أشهر نصائح التخلص من (السموم الرقمية)، بل إن جملة واحدة تحمل من المشاعر ما لا تقدمه (أيقونات المشاعر أو الإيموجي) مجتمعة؛ فلماذا نتعمد المختصرات والتعابير السريعة والمعلبة؟ أول من أطلق هذا المسمى على آثار (إدمان الهاتف) والتعلُّق به أكثر من اللازم هي دانييلا أوتوا مؤلفة كتاب (التخلص من السموم الرقمية)، التي كشفت أن البداية هي محاولة الشعور بالسعادة مع حاجة الإنسان الطبيعية لأشخاص آخرين محيطين به، التي تطورت للعلاقات الرقمية بين الناس من خلال الاتصالات والرسائل والتعليقات، وحتى الإعجاب أو الرتويت، إضافة لخوف الإنسان من أن يفوته شيء حتى لو لم يكن له علاقة أو مساس مباشر بحياته، ولكنها طبيعة البشر بالتطفل وحب المعرفة.
إذا لم يعترف المتعلق والمدمن للهاتف ومواقع التواصل بـ(المشكلة) في البداية فلن يستطيع التخلص من السموم الإلكترونية التي تتسلل إلى جسمه وعقله دون أن يشعر بها؛ فمخلفات التقنية وآثارها دقيقة جدًّا، ولا يمكن الشعور بالحاجة للتخلص منها كإرادة أو رغبة، أضف إلى ذلك ضرورة التجاهل بالفصل بين عقل الإنسان وذاكرته، والرسائل التي تصل إلى هاتفه تباعًا، بتعطيل (متلازمة الرد) السريع، فيما يعرف بـ(التجاهل) والانشغال بما هو أهم في محيطك وواقعك المعاش، مع ضرورة اتخاذ قرار بين فترة وأخرى بعدم حمل الهاتف في بعض الأوقات، والحصول على إجازة من التقنية، وهذه الأخيرة انخرط فيها مؤخرًا (جايمي كلارك) وابنه، في تجربة تتبعتها وسائل الإعلام العالمية.
تجربة (كلارك) تتلخص بأن الأب هو من تسبب في تعلق الابن (كوبي) 18 سنة بالهاتف عندما كان يلهو به في الصغر، ولكن المراهق فشل في التواصل البشري والعلاقات الإنسانية بعدما كَبُر؛ عندها أحس كلارك المتزلج ومتسلق الجبال بالذنب، وبضرورة أن يصحح الخطأ (برحلة علاجية) إلى منغوليا لتخليص ابنه من إدمان الهاتف، وبالفعل اليوم وكالات الأنباء والصحفيون يتتبعون (كلارك وكوبي) وهما يتجولان بدراجتهما النارية في واحدة من تجارب الخطوات العملية لنصائح التخلص من (السموم الرقمية) وإدمان الهاتف. نحن بحاجة لتوثيق وإبراز مثل هذه التجارب محليًّا.
وعلى دروب الخير نلتقي.