د. محمد عبدالله الخازم
مع بداية 2020م، وباستعادة تجربة كتابية ممتدة عبر عقدين من الزمان تقريبًا، أجد أن خبرتي ربما تشفع لي بأن أحكي أهم ما ينشده كاتب الرأي ليحلق بشكل أفضل. ومن يتابعني يدرك أنني أكتب ملتزمًا بالثوابت والمصالح الأمنية للبلاد، وضمن أخلاقيات الممارسة المهنية للكتابة. هذه مطالب دائمة، وتشمل الكاتب في كل مكان تقريبًا، وإن اختلفت نسبية المطالبة من زمن لآخر، ومن مجتمع لآخر. ثلاثة أمور تلخص ما أنشده بوصفي كاتب رأي، وأتمنى تحققها بقدر أكبر: مزيدًا من حرية التعبير، مزيدًا من التقدير، ومزيدًا من الحماية.
أولاً: مزيدًا من حرية التعبير. حرية التعبير للمفكر والكاتب عملية جوهرية، سقفها لا يتوقف عند حدود، وكلما مُنح سقفًا فإنه يطلب الارتقاء به نحو الأعلى. حرية التعبير يعيقها تنظيم، مجتمع، تعليمات وظروف... إلخ. والكاتب يعتقد أنه يحتاج إلى المزيد منها مع حرصه بالطبع عدم الاعتداء على حقوق الغير، والالتزام بالمعايير. نرجو أن يحمل لنا 2020 المزيد من المساحة للتعبير عن أفكارنا وآرائنا، مع التأكيد وفق مسؤولية قانونية ومهنية، ندركها نحن الكُتّاب.
ثانيًا: مزيدًا من التقدير. لقد كنا نحن الكُتّاب نحظى بالتقدير المادي والمعنوي في سنوات مضت، لكن التحولات الخارجة عن الإرادة، سواء في تدني نشر الصحافة الورقية؛ وبالتالي تدني مدخولاتها، أو في تعدُّد وسائل النشر، وظهور ما يعرف بالسلطة الخامسة، التي تجاوزت سلطة الصحافة الرابعة، المتمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي.. كل ذلك أسهم في تدني التقدير؛ وخسرنا بسببه، وبأسباب أخرى، كُتّاب رأي كبارًا، يُشار لهم بالبنان، ولم تعد كتابة الرأي المنتظم مغرية لدى البعض؛ لأنه شعر بنقص التقدير المادي والمعنوي معًا. تلك الحقيقة، ولست أعلم لها حلولاً. ورغم ذلك فالتقدير المعنوي الأدنى الذي ينشده كاتب الرأي هو تجاوب الجهات ذات العلاقة مع ما يطرحه، والتفاعل مع الأفكار والملاحظات التي يطرحها. نعم، هناك توجيهات بهذا الشأن، ولكن بعض الجهات تتجاهله..
ثالثًا: مزيدًا من الحماية. كلما ارتفعت حرية الرأي تم ضمان الحماية، لكن الأمر يحتاج أحيانًا إلى تشريعات، تكفل ذلك، وتحمي كاتب الرأي مما قد يتعرض له من متاعب نتيجة لما يكتبه، وبخاصة حينما يكون عبر وسائل غير مباشرة، أو ليس وفق أسس قانونية واضحة. أقدر الجهود الرسمية في سَن القوانين الملائمة في هذا الشأن، ولكن أغلبها تبيح للمتضرر من كتابة الرأي شكوى الكاتب أو الصحيفة. ونحن نرحب بذلك حماية لمصالح الناس، وعدم مخالفة الأعراف المهنية، لكن نبحث عن نظام أو حماية أوضح للكاتب في حال حدث العكس. لا نريد أن يكون كاتب الرأي الجدار القصير، يُشتكى منه، ولا يحق له الشكوى من الآخرين.
وما دمنا نتطرق لكُتّاب الرأي أعلم أن بعض الزملاء اجتهدوا في تأسيس جمعية لكُتّاب الرأي، سأناشدها أن تقدِّم لنا عملاً ملموسًا، يقنعنا بعضويتها. تحديدًا، نحتاج إلى دعم الجمعية في الحصول على حماية وتقدير ومساحة أكبر لكُتّاب الرأي، ولا نحتاج لمجرد ديوانية اجتماعية أو ديوانية علاقات عامة..!