تعد قضية الصدق والكذب من قضايا النقد الأدبي الكبرى في القديم والحديث، وقد احتلت في النقد العربي القديم حيزًا كبيرًا. وهذا الكتاب (قضية الصدق والكذب في النقد العربي) الصادر ضمن سلسلة كتاب المجلة العربية يناقش هذا الموضوع عبر فصلين:
الأول: أنواع الصدق والكذب في الشعر. والثاني: موقف النقاد من أنواع الصدق والكذب.
الكتاب من تأليف الدكتور وليد إبراهيم قصاب، وجاء في 120 صفحة.
يقول المؤلف: تعد ثنائية التقابل (الصدق والكذب) في الشعر من قضايا النقد الأدبي الكبرى، وقد توقف النقاد والبلاغيون أمامها طويلاً، واختلفت وجهات نظرهم حولها.
وقد تعددت مفاهيم هذين المصطلحين المتقابلين، وتنوعت صورهما وأشكالهما، وتفاوتت آراء النقاد حولهما. وكان مصطلحا (الصدق والكذب) من جملة المعايير النقدية التي استخدمت في الحكم على الشعر والشعراء، وفي التقديم والتأخير، والمدح والذم.
في العصر الجاهلي نجد حضورًا لقضية الصدق والكذب في الشعر، ونجد حضور الرأيَيْن معًا، وبدأ فريق من الشعراء والنقاد يؤثر الصدق، وفريق آخر يميل إلى المبالغة والغلو.
وتتصل قضية الصدق والكذب بمجموعة من القضايا، منها قضية الشكل والمضمون، وقضية صلة الشعر بصاحبه، ومدى تعبيره عنه أو عكسه لشخصيته، وبقضية علاقة الشعر بالواقع والحياة والحقيقة، ومدى قدرته على التعبير عنها.. وتتصل كذلك بقضية حرية الإبداع.
أبرز ما رصده البحث أن الصدق والكذب الخياليَّين هما اللذان استأثرا بعناية النقاد، وهما اللذان وقع الخلاف بين النقاد والبلاغيين حولهما؛ فكان فريق يقول: أعذب الشعر أصدقه. وفريق يذهب إلى عكس ذلك؛ فيقول أعذب الشعر أكذبه، وفريق حاول أن يتوسط بين هذا وذاك؛ فقال: أعذب الشعر أقصده. وبدا واضحًا في هذا المصطلح مرتبط بـ(التخييل)، أو المحاكاة، أو التمثيل.. بل إن التخييل أصلاً هو المقصود بهذا المصطلح الذي صاغه النقد العربي، وليس المقصود به مدى الدقة الحرفية في التزام الواقع المحسوس، والتعبير عنه، وتصويره كما هو.
وأدرك النقاد والبلاغيون العرب من مختلف فئاتهم أن لا شعر من غير محاكاة وتمثيل، ولا شعر من غير مجاز وتشبيه واستعارة وما شاكل ذلك من التقانات الفنية الجمالية.