د.عبدالعزيز العمر
في العقود الثلاثة الماضية ابتلي الوطن ببعض أشباه المتعلمين، وأشباه المتعلمين هم أولئك الحاصلون على شهادات عليا بلا أي رصيد معرفي مهاري حقيقي يساهمون به في بناء وطنهم، أي أن أشباه المتعلمين يشكلون خطرًا حقيقيًا على تنمية الوطن الذي انخدع بهم، والكارثة تحدث عندما يمكن شبه المتعلم من قيادة مواقع إدارية هو غير مؤهل لقيادتها. أنا لا ألوم من حصل على شهادة علمية بأقصر الطرق وأسهلها عندما يجد طريقه إلى مواقع لن يكون مفيدًا فيها، فهو في النهاية شخص يبحث عن مصلحته الشخصية، ولكني أدعو أن تنتشر اليوم في مؤسساتنا ثقافة جديدة تؤكد أن وجود شخص ذو شهادة عليا يعمل في أي وزارة أو مؤسسة دون تمحيص دقيق لمؤهلاته ولشخصيته هو في الواقع أمر معيب بحق هذه الوزارة أو تلك. لقد تشرفت على مدى عدة سنوات مضت أن أكون ضمن فريق علمي يفحص شهادات ومؤهلات أي خريج جامعة أجنبية قبل الاعتراف بها، وكشفت تجربتي المهنية في هذا المجال عن وجود ممارسات أكاديمية متخلفة لا يصدقها عقل، خصوصا في بلدين عربيين (وذلك قبل قرار إيقاف الدراسات العليا في البلدان العربية)، وأنا هنا أؤكد أن لدى وزارة التعليم من المصدات الأكاديمية ما لا يستطيع أي خريج وهمي مزيف اختراقها، لكن الخشية أن يخترق هذا الشخص أو ذاك معايير التوظيف في أي من وزاراتنا أو مؤسساتنا، وهذا لم يعد أمرًا ملاحظًا، خصوصًا بعد تضييق الخناق على أي مؤسسة تحاول القفز فوق معايير التوظيف المهنية والأكاديمية.