د. أحمد الفراج
خلال السنوات الماضية كان قاسم سليماني يتجول في بعض عواصم العرب، وتحديدًا بغداد وبيروت ودمشق، ويحرص على أن يمشي الخيلاء، ويلتقط السيلفي وسط معجبيه من العملاء؛ فإيران تمددت في أربع دول عربية، وفاخرت بذلك، وكان سليماني هو الحاكم الفعلي لتلك الدول بسبب فساد الساسة من جهة، ونفوذ إيران وسطوتها من جهة أخرى، وكانت إيران على يقين تام بأن تحركات سليماني السرية وحمايته المشددة تخفى عن أعين خصومها، ولا شك أن تنازلات باراك أوباما لها، وخنوعه، أسهما في ارتفاع وتيرة غرورها؛ فأوباما كان يداري ملالي طهران، ويحرص على عدم إغضابهم حرصًا على إنجاز الاتفاق النووي. وسبق أن توسعت في الحديث عن مقدار التنازلات التي قدمها أوباما لإيران بنصيحة من وزير خارجيته جون كيري، وهي التنازلات التي أفقدت أمريكا هيبتها بشكل لم يسبق له مثيل.
الرئيس ترامب مد الحبال للملالي عندما تردد في الرد على إسقاط طائرة أمريكية باهظة الثمن فوق الخليج، ثم مرة أخرى قرر عدم التصعيد بعد ضرب إيران منشآت بقيق النفطية؛ وهذا ما جعل الملالي يتوهمون أنهم إزاء رئيس لا يجيد غير الكلام؛ فبالغوا في بسط نفوذهم وإعلان تحديهم، وخصوصًا في العراق التي قال أحد الملالي إنها أرض إيرانية خالصة؛ فقد تيقنوا أن ترامب لن يجرؤ على القيام بأي عمل عسكري، وهو الذي وعد ناخبيه بأنه لن يدخل في حرب جديدة، وأمامه استحقاق انتخابي قادم، وتناسوا أنه يظل صقرًا جمهوريًّا عتيدًا، سخر من ضعف أوباما، وتحدث عن إعادة الهيبة الأمريكية، وبذل جهودًا كبرى لدعم ميزانية الجيش والصناعات العسكرية. وبسبب قراءتهم الخاطئة فقد خططوا لضرب مصالح أمريكا، وبدؤوا ذلك باقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، ثم أرسلوا قاسم سليماني لبغداد ليقود عمليات التحدي الإيرانية لأمريكا، ولم يكد يصل إلى هناك حتى استقبله أعتى جيوش العالم بأكثر التجهيزات التقنية والعسكرية تقدمًا؛ فتحول الأسطورة سليماني إلى رماد وسط ذهول العالم أجمع، وسيتواصل الحديث!