فوزية الشهري
تمر بنا المواقف ولكل فرد منَّا طريقة للتعامل معها، بعض المواقف من الصعب أن تمر دون الوقوف عندها والتفكر وأخذ العبرة.
بعد مرور ستة أشهر من وفاة والدي -رحمه الله- وفي مناسبة اجتماعية يحضرها صديق له، لم يستطع ذاك الصديق الوفي أن يكون أبي غائباً عنها، حضر في فكره وقلبه وترجمها الصديق بأفعاله عندما لم يستطع أن يمد يده لتناول العشاء حزنًا عليه، موقف عظيم ونبيل منه وكان بالنسبة لنا موقفًا موجعًا أثار ألم الفقد الفظيع الذي خلَّف ندبة لن تنجلي.
تصرف الصديق الوفي العفوي الصادق والنابع من محبة راسخة أثار في نفسي الكثير من الأسئلة:
هل سيفقدنا أحد بعد وفاتنا؟ كم صديق حقيقي أمتلكه؟
تذكرت ما كتبه غازي القصيبي - رحمه الله - في كتابة «حياة في الإدارة» عن الأصدقاء والفرق بين الصديق الحقيقي وغيره.
وكيف قسَّم دوائر العلاقات إلى ثلاث دوائر، يقول إن الأصدقاء الحقيقيين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة وهم الدائرة الأولى.
تأتي الثانية هم أصدقاء العمل والدراسة وعددهم ممكن أن يكون أكثر بكثير، والدائرة الثالثة تشمل كل المعارف، ثم يعلق بقوله (السذج وحدهم هم الذين يخلطون بين هذه الدوائر الثلاث).
الصداقة من أرقى العلاقات الإنسانية، والصديق الوفي عملة نادرة يجب الحفاظ عليها وهو نعمة حقيقية من رب العالمين. وأعود للسؤال نفسه: هل نملك أصدقاء حقيقيين؟ وبالمقابل: هل نحن أصدقاء حقيقيون؟
دائمًا نريد الصفات النبيلة ونتمنى وجودها في علاقاتنا، ولكن ربما تقتصر نظرتنا للطرف الآخر ولا يجرؤ الكثير منا بمواجهة ذاته وإصدار الحكم عليها وعلى سلوكه وعلاقاته، من العدل أن نكون كما نريد من الآخر.
قبل أن نعيب أي شيء من حولنا أو ظروفنا أو علاقاتنا علينا أن ننظر بداخلنا، نبدأ من هناك، التغيير يبدأ من هناك.
تغيّر.. يتغير الكون من حولك.
الزبدة:
* الأصدقاء الحقيقيون يصعب إيجادهم ويصعب تركهم ويستحيل نسيانهم.. «شكسبير».