الشائعات هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظنًا منهم على صحتها. دائمًا ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر هذه الشائعات عادة إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار. وتمثل هذه الشائعات جزءًا كبيرًا من المعلومات التي نتعامل معها، قد تكون مدمرة تحمل الكراهية مستخدمة في ذلك أنسب الظروف لظهورها. فمع التقدم التكنولوجي، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة بين أفراد المجتمع ووسائل الإعلام وما يبث فيها من أخبار متنوعة، تنتشر الشائعات بشكل سلس، فلم تكن الشائعات «اختراعًا حديثًا»، بل أخذت تطورًا جديدًا في الشكل والمضمون، فهي معروفة بين المجتمعات منذ 750 عامًا.
ولا شك أن الصراع البشري سيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن ثم فأهل الباطل الذين يسعون إلى الإفساد في الأرض وتخريبها لا يفترون في استخدام كل وسيلة تعوق الحق عن مواصلة جهده، وتحقيق أهدافه.
فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من أهم الوسائل التي ارتكزت عليها المخططات الإستراتيجية الإرهابية لنشر العنف والفوضى والإرهاب والأعمال الإجرامية، ونشر الشائعات والأخبار المغلوطة، وزعزعة القناعات الفكرية والثوابت العقدية والمقومات الأخلاقية والاجتماعية التي من شأنها أحداث بلبلة داخل المجتمع، مما جعلها تشكل خطرًا على الأمن القومي الخاص بكل بلد على حدة، فأول الآثار التي تترتب على الشائعات ضياع الأمن والأمان في المجتمع، ولا شك أن نعمة الأمن من أجل النعم، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) «رواه الإمام الترمذي، وابن ماجة بإسناد حسن وحسنه الألباني في صحيح الجامع».
كلما زاد الغموض زاد حجم الشائعات وعظُم انتشارها، وتأخذ الشائعات أشكالاً مختلفة تبعًا للأوساط التي تنتشر فيها، وهي تهدِّد تماسك المجتمع وأمنه، وتحرِّك الانفعالات والعواطف لدى الجماهير، وتتنوع خطورة الشائعات مثل أهدافها وأغراضها، فلها أخطار سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية ونفسية، وتبدأ أخطار الشائعات من الفرد الذي يقوم بترويج الشائعة؛ فهو إنسان مهزوز الشخصية، يسعى من خلال الترويج للشائعات إلى تعويض جوانب النقص في شخصيته، وهو أيضًا يتحلى بصفة الكذب، ومعلومٌ خطورةُ الكذب في أي مجتمع، والشائعة لها القدرة على تفتيت المجتمع والصف والرأي الواحد، وتعمل على تضارب الآراء؛ فيصبح المجتمع الواحد والفئة الواحدة أمام الشائعات فئاتٍ متعددة، وتظهر خطورة الشائعات على عقل الإِنسان، من خلال الأكاذيب والترويج للأفكار الهدامة، التي تجعل الإنسان أمامها في حيرة من أمره بين التصديق والتكذيب، وخطورة الشائعات أيضًا على الدِّين، بالتشكيك في أصول الدين وأحكام الشريعة، وبث الشبهات والتأويل المذموم، وتكمن أيضًا خطورة الشائعات في خَلْقِ عدم الثقة بين أفراد المجتمع وقيادته الفكرية والعلمية، وذلك من خلال التشكيك في النيات، حتى تخلو الساحة من القيادات العلمية، والسياسية، والاجتماعية التي يحترمها المجتمع، لذا فإن تهاوُن الناس مما ينعتُونَه بالثَّرثَرة الجماعيَّة من خلال المجامِيع التي يُنظِّمُونها أو ينتظِمون فيها في هواتِفهم وأجهزتهم، بل يتسارَعون لإحراز قصَب السَّبْق في نشر المعلومات أو تلقِّيها، بقطع النَّظر عن صحَّتِها أو دقَّتِها أو خطرِها، بل الخطرُ فيما تؤولُ إليها من نتائج خطيرة على الدين والعقيدة، وعلى البلاد وأهلها، وعلى الأمن والاستقرار، ما ينشرُ الإرباك والاضطراب، بل الخوفَ والإرهاب. ويزدادُ الخطرُ والخوفُ وسوءُ العواقِب.
الشائعات لا يمكن مكافحتها بسن أنظمة وقوانين فقط، فإن تناقلها يختلف بطرقه، ولكن لا بد من وعي الشخص وتمييز الخبر الصادق من الكاذب وذلك بالاعتماد على المصادر الموثوقة والأشخاص القريبين من الحدث المعني، فمواجهة الشائعات لا يقع على عاتق الحكومة أو المؤسسات وحدها دون غيرها ولكن في الحقيقة مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع ومن هنا يجب أن نبدأ بأنفسنا من ترديد الشائعة ونقلها فيما بينا وتوعية المحيطين بنا سواء الأسرة والجيران وغيرهم، لأن كل منا من موقعه تقع على عاتقه مسؤولية التوعية من خطورة الشائعة وخصوصًا في هذه الظروف التي تتعرض لها البلاد والمجتمعات.