لا يمكن أن يتفق عداءٌ متأصلٌ في فكر وقلب شخص مع حياد أخلاقي فالتحامل على إظهار الخصم مخطئًا قد يكون ولكن أن يمعن في الكذب حتى وهو يستشهد بكلامه فهذه سوأة أخرى فحينما يستشهد بكلام جعيّط عن كتب رودنسون في فصل ما جزاء الإحسان؟ (تُظهر عميقًا إزاء خصوصية الحركة الدينية النبوية: وتبقى كلها منغلقة في إشكاليات موروثة عن العصر الغربي الوسيط أو القرون الحديثة الأولى) ويعلق على ذلك (بأنه سبّه وقذفه بأبشع النعوت وحط من قيمة أعماله...) ولا أدري أين السب والقذف وما هو عنده؟ وما أبشع النعوت والحط من الأعمال؟! عندما يقول الحقيقة يريد منه أن يكذب لذلك صدّر هذا الكلام بعنوانه الضخم: (ما جزاء الإحسان؟) هل يريد من جعيّط تزييف الكلام لأن رودنسون أثنى على أعماله؟! ألم تكن هذه مصداقية لجعيط مهما كانت الإغراءات بالثناء المسبق؟ فهو يحاول حسب اتجاهه أن يقلبها مذمة ولو كان لآخر لكانت إحدى الفلتات من الحسنات التي تعد ولا تعدد! لكن كما أسلفت هذا لمن يكنّ في نفسه سخيمة متورمة تجاه الآخر. هواجس العداء لا تبرح تقض المضاجع فاللسان لا يهدأ من ذكر لأن العقل لا يتوقف عن التفكير حتى ولو لم يكن صاحبه له في الأمر شيء فالمزوغي حين يذكر فيلهاوزن ومعرفته في مجتمعه الأوروبي يقول (إن اسم فيلهاوزن وحده مازال يثير الرعب في قلوب المؤمنين (يهود - قد يكون ذلك! -، مسيحيين - أيضًا قد يكون ذلك! -، ومسلمين!!) ثم يقول (وبحوثه في العهد القديم ما زالت إلى اليوم مرجعًا لا غنى عنه لكل من يريد التعمق في تاريخ اليهودية القديمة) إقحام المسلمين لا أدري من أين جاء به؟ أن لم يكن هناك بغض وتحامل لا حد له لأن فيلهاوزن لم يذكر الإسلام! ويثير الرعب في نفسه كما يثير اسم فيلهاوزن الرعب في قلوب المؤمنين اليهود والمسيحيين لأنهم أصحاب ميثالوجيا منوعة من الأساطير اليونانية وغيرها تم بطلانها على مر العصور فيحاول أن يجر الإسلام معهم كدين ميثالوجي وسواء علم أم لم يعلم من أن الإسلام منهج لا يمكن أن يجد فيه ثغرة باطلة غير صحيحة مهما بلغ به الإلحاد مبلغه.لا يفتأ الغربيون أو المستشرقون بالأصح ومن على شاكلتهم كالمزوغي يذكر العرب والمسلمين بأنه دين حربي لماذا؟ لكون القرآن الكريم يتضمن آيات عنيفة تحرض على القتل والسبي والغنائم ثم يقول: إلا تروي سيرة ابن هشام بالتفصيل الاغتيالات والغزوات والحروب وأعمال القتل القرآن الكريم يتضمن آيات عنيفة تحرض علىلقتل والسبي والغنائم ثم يقول: إلا تروي سيرة ابن هشام بالتفصيل الاغتيالات والغزوات على من اللوم؟ ويوجه هذا إلى جعيّط..وكما قلت لا يفتأون يذكرون ما يحبون أن يذكرونه حتى ولو كانت حكاية عابرة أوحادثة استثنائية فذاك صيد لا يمكن أن يذهب سدى وما سواه فهو نهب من الخرافة كما يعتقد المزوغي! فهو يتناسى أن المسلمين في مكة كانوا يعذَّبون ويُقتَلون ونسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينتقم ممن كان يؤذيه وعفا على من قاتله وقتل أقرب الناس إليه وحاربه وتآمر عليه وصفح عمن هجاه وشتمه ولا اعتقد أنه يؤمن بأن القرآن الكريم لا يدعوا إلى الإكراه في الدين (لا إكراه في الدين...) ولا اعتقد بأنه يؤمن بأن قاعدة الإسلام تقول الإسلام يجبُّ ما قبله ولا اعتقد بأنه يؤمن بكل هذا بقدر ما ينفيه نهائيًا من صفحات التاريخ ويبحث عن آيات قرآنية لا يعلم تفسيرها وسبب نزولها وإنما يأخذ اللفظ فقط فيستقي الآيات التي تكون في القتل للدلالة على العنف وهذا تسطيح فكري من الغباء أن يصدقه عاقل ولعلك تدرك ذلك حين يأتي على فصل بعنوان (موقف الإسلام من المسيحية) فتجد أمامك شخصًا بعيد كل البعد عن تأويل أو تفسير آيات واضحات وعبارات قد يدرك تفسيرها تلقائيًا طالب المرحلة الثانوية ولكن حين تجتمع الكراهية والجهل في نفس المزوغي فحتمًا سيولد من رحم ذلك تفسيرات وتأويلات بعيدة كل البعد عن الحقيقة. يتبع
** **
أحمد بن حمد السبيت