إبراهيم بن سعد الماجد
التمدّد المتسارع للمدن، ظاهرة مؤرقة، توحي بأزمة خدمات، وضغط قد لا تحتمله البُنية التحتية، بعد سنوات.
لا أشك بأن هناك إدارات متخصصة تدرس هذا التمدد، وتعمل على عدم حدوث أي شيء مما أشرتُ إليه، لكن التجارب تقول: إن التنظير شيء والواقع شيء آخر.
الرياض.. العاصمة الأكثر نمواً، تعيش مرحلة تمدد، تجاوز المتوقع بمرات ومرات، فقد التفت أحياء الرياض على العاصمة الأولى للدولة السعودية (الدرعية) وصارت كحي من أحياء الرياض!
ذكرت الرياض كنموذج، وإلا فجميع مددنا الكبرى تعيش الإشكالية نفسها، وهذه الإشكالية لا تنحصر في مشكلة خدمات المدن الكبرى، أو إشكالية الحركة المرورية، ولكن هذا التركيز على العواصم أضر بشكل كبير على المحافظات التي لم تعط نصيبها من هذا الضخ الاقتصادي، مما جعل فُرص العمل بها شبه منعدمة! وهذه في نظري كارثة، حيث تسبب قلة الفرص الوظيفة إلى نزوح الشباب للمدن الرئيسة، مما فاقم المشكلة.
في هذا المقالة أقفز لمطلب أبعد من تنمية المحافظات، إلى تنمية الأرياف، خاصة تلك الأرياف القابلة لتأسيس حياة مختلفة، كأن تكون مقراً لمجمع طبي متخصص، أو جامعة علمية متميزة، أو مصنع نوعي. نعرف أن بعض أرياف مناطقنا تتمتع بطبيعة قابلة لأن تكون عند الاهتمام بها مزاراً يُقصد، فكيف إذا كان مقراً لمؤسسة نوعية مُستهدفة؟
إن التركيز على المدن، أعتبره خطأ بل خطأ كارثي، كونه يزيد من التلوث البيئي، ويفاقم من المشكلات المرورية، ويُعقد حياة الناس.
التعليم والصحة والصناعة، ثلاثة مستهدفات للتنمية الريفية، ذات مردود كبير، وأثر إيجابي عظيم، وستكون حلاً جذرياً لمشاكل المدن الكبرى.
هذا المقترح قابل للتنفيذ فوراً في أكثر من منطقة من مناطق بلادنا، وستكون تكلفة تلك المشاريع أقل بكثير من لو نُفذت في المدن، فيكفي مثلاً قيمة مليون متر في الرياض أو مليون متر في أحد الأرياف أن يصنع فرقاً مالياً ضخماً!
إننا في حاجة أن نفكر بجدية في تنمية الأرياف، في ظل هذا التكدس السكاني المزعج للمدن الكبرى، حتى باتت الحياة لا تُطاق، مما تسبب في كثير من الأمراض المزمنة.