الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكدت دراسة علمية حاجة الأوقاف الرقمية إلى إنشاء هيئة أو جمعية أو مركز خيري مختص بها، يعمل على دراسة أحكامها، وبيان ما يتعلق بها، ومتابعة جديدها، وجمع المهتمين بها، وإصدار الأدلة والنشرات والكتب والموسوعات في هذا المجال، ما بين دراسات فقهية، وأدلة تطبيقية، ونشرات توعوية، ونحو ذلك، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات والنصائح للراغبين بإنشاء أوقاف رقمية أو تحويل أعمالهم إلى أوقاف، كما يمكن أن تكون مظلة تشرف على الأوقاف الرقمية الراغبة بذلك، لتساهم في تطوير عملها وتصحيح أخطائها وتجاوز مشكلاتها، بل والرقابة عليها، ويتبع ذلك كله الاهتمام بتوعية المجتمع وتثقيفه في هذا المجال، ونشر رسالتها بين أصحاب الأعمال الرقمية، أو العمل على شراء الأعمال الرقمية المتميزة النافعة بواسطة أهل الخير لتكون أوقافاً رقمية.
وأوصت الدراسة البحثية المعنونة ب»الأوقاف الرقمية وأحكامها الفقهية «التي قام بإعدادها سهيل بن سليمان بن عبدالله الشايع، أوصت بالمبادرة إلى اغتنام الثواب العظيم في هذا الباب بالمسارعة إلى الوقف فيه، فالأوقاف الرقمية باب واسع عظيم الأثر، يرجى لمن استغله استغلال حسن الثواب العظيم؛ لما يمتاز به من وصوله إلى أنحاء العالم، وتجاوزه لحدود الدول واللغات والأعمار والعادات وغيرها، مع قلة التكلفة المقابلة لذلك، وسهولة الوصول إليه، وكل ذلك يدل على أنه باب واسع عظيم الأثر في الدعوة والتعليم وغيرهما، كما حثت الدراسة طلبة العلم المهتمين بهذا المجال بسبر أغوار هذا الموضوع؛ فهو جديد متجدد عظيم النفع، وما هذا البحث إلا خطوة صغيرة في هذا المجال، وما زالت الحاجة ماسة في الجانبين النظري والتطبيقي، والمأمول أن يأتي يوم يجد فيه الراغب في إنشاء وقف رقمي -أو تحويل عمله إلى وقف رقمي- كل ما يحتاج إليه من أحكام وتوجيهات تعينه في ذلك وتيسره عليه.
وشددت الدراسة على أن باب دعم الأوقاف الرقمية يحتاج إلى مزيد عناية وبحث، وأنه حري بالباحثين وممن لهم عناية بالمعاملات المالية وبالتقنية أن يبادروا إلى دراسة وسائل دعم الأوقاف الرقمية -أو أحكام المعاملات المالية الرقمية الحديثة ووسائلها- دراسة مفصلة، داعية أصحاب الأعمال الرقمية الشرعية والدعوية وحتى الاستثمارية، بانتهاز هذه الفرصة العظيمة بتحويل أعمالهم تلك إلى أوقاف يتحقق من خلالها -بإذن الله- الأجر العظيم لهم، والدوام والاستمرار لها، وحفظها أيضاً من أيدي العابثين والمفسدين، ولو لم يمكن وقفها كلها فوقف جزء منها خير وبركة.
وأكدت الدراسة على الأشخاص المتخصصين والمهتمين بهذا المجال بدراسة أنواع الدعايات الرقمية وأحكامها بشكل تفصيلي، لا سيما الدعايات المضمنة؛لشدة الحاجة إليه في هذا الزمن.
وأظهرت نتائج الدراسة البحثية أن الوقف الرقمي هو: كل حق معنوي وُقِف بصيغة رقمية عبر وسيط مناسب؛ للإفادة منه أو من ريعه؛ مع مشروعية الوقف عموماً، وعظيم ثوابه، وكثرة أبوابه،كما أن الوقف الرقمي لا يصح إلا بتحقق الشروط اللازمة، منها ما يشاركه فيها كل الأوقاف الأخرى، ومنها ما يختص بالأوقاف الرقمية فقط، وأن الأصل في الأوقاف الرقمية الاستمرار والدوام إذا راعى الواقف فيها ما يلزم، إلا أنها تتفاوت في أصل الاستمرارية بين أنواع تحتاج إلى التجدد السريع لتستمر، وأنواع لا تحتاج لمثل ذلك، كما أنه يشترط لناظر الوقف الرقمي ما يشترط في ناظر الوقف عموماً، إلا أنه يشترط فيه شروط أخرى ترجع في عمومها إلى مراعاة طبيعة الأوقاف الرقمية وتجددها،كما لا يشترط في ناظر الوقف الرقمي أن يكون متخصصاً بهذا المجال، إلا أنه يلزمه الاستعانة بذوي الخبرة والتخصص إذا لم تكن لديه المعرفة والقدرة اللازمة لإدارة الوقف وتحقيق مصالحه.
وأبرزت نتائج البحث على جواز نسخ الوقف إلى صور أخرى مع بقاء أصله إذا دعت لذلك مصلحة، ولم يؤثر ذلك سلباً عليه، وجواز تغيير هيئة الوقف من صورة إلى أخرى ولو لم تكن رقمية إذا كان ذلك مراعاة لمصلحة راجحة؛ لأن المقصود من الوقف هو الاستمرار والدوام والنفع، وجواز استبدال الوقف الرقمي، وكذلك دمجه وتوسيعه وتضييقه، إذا كانت هذه الأمور لمصلحة راجحة، مع لزوم مراعاة الشروط اللازمة لكل منها.