يعد متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض منارة تسلط الضوء على ما كان قد طمس من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية ويعيد تصدير أكبر اختراعات علماء المسلمين لشبابنا اليوم، وما قدموه من إنجازات ولبنات أسهمت في مسيرة الحضارة العالمية حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.
ويمثل المتحف الذي أنشأته جامعة الإمام محمد بن سعود بالتعاون مع معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية بجامعة فرانكفورت الألمانية، أول متحف متخصص في المملكة يتناول تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام ما بين القرنين الثالث والعاشر الهجري.
ويشغل المتحف ثلاثة طوابق، وتستغرق زيارته والتعرف على محتوياته قرابة الساعة ونصف الساعة. وللمتحف رسالته التي تهدف إلى تأكيد أن تاريخ العلوم والتقنية هو إرث مشترك للبشرية جمعاء، وتبيان إسهام الحضارة العربية والإسلامية في الحضارة الإنسانية؛ استشهاداً بما في المتحف من مقتنيات عمل العلماء العرب والمسلمون على صيانتها وتطويرها، مع عدم إغفال أن المسلمين لم يصنعوها من العدم، وإنما استلهموا نتاج ما سبقهم من حضارات، وعملوا على تطويره، والإضافة إليه، علماً بأن معظم معروضات المتحف هي من اختراعات العلماء المسلمين ما بين القرنين الثالث الهجري (التاسع الميلادي) والقرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، والتي كانت فترة ازدهار الحضارة العربية والإسلامية. وقد تم إعادة صيانة تلك المقتنيات بالتعاون والشراكة مع معهد العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت؛ استناداً إلى ما لديهم من أصول لتلك المقتنيات، إضافة إلى ما هو موجود في متاحف عالمية أخرى ومخطوطات.
ويسعى المتحف في جامعة الإمام إلى إظهار إسهام وإبداع العلماء العرب والمسلمين في مختلف المجالات العلمية، وذلك من خلال أقسامه المتنوعة، ومنها: قسم الإسطرلابات؛ إذ كان المسلمون أول من استخدم هذه الآلة الفلكية في تعيين الأجرام السماوية وتحديد الاتجاهات، وكانت تستخدم في الملاحة وفي مجالات المساحة وتحديد مواقيت الصلاة، كما استخدموها في تحديد فصول السنة.
وهناك قسم لآلات الرصد التي كانت تستخدم لمعرفة قياسات الأرصاد الفلكية المختلفة والمرتبطة بعلم يعد من أهم العلوم، ألا وهو علم الهيئة والميقات الذي اعتبره العلماء من أشرف العلوم منزلة؛ لما لهذا العلم من عظيم النفع عند المسلمين، ولما له من أهمية في معرفة مدد السنين والشهور والمواقيت وفصول السنة وعدد ساعات الليل والنهار ومراقبة الشمس والقمر والكواكب والنجوم وسائر الأفلاك من حيث استقامتها وتبدل أشكالها وحالها. وكذلك قسم المراصد الفلكية؛ فاهتمام المسلمين بعلم الفلك والميقات أدى إلى استخدام وابتكار آلات فلكية متعددة ومختلفة الأحجام. وكان لهذه الآلات مقر تجمع فيه لمباشرة أعمال الرصد والفلك المختلفة، وهو ما عرف بـ(دور الرصد الفلكية) أو (بيت الرصد) أو (الرصد خانة)، وكلها مسميات لشيء واحد، هو عبارة عن مؤسسة علمية كبرى تحوي ما يلزم لمباشرة وتطبيق أعمال الفلك.