تعد الحرف والصناعات اليدوية من المنتجات التراثية التي تستثمرها كثير من الدول اقتصاديا وتدعمها بإنشاء المصانع والشركات المتخصصة.
وقد قدر مستثمرون ومتخصصون في مجال الحرف والصناعات اليدوية السوق السنوية للقطاع بنحو مليار ونصف المليار ريال منها 20 % فقط من المنتجات السعودية بينما يتم استيراد الباقي.
ولفتوا إلى ضرورة التحاق المملكة بهذا السوق الذي تعد نسبة الربحية فيه من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف كلفة المنتج الحقيقية، مقدرين حجم التجارة البينية الدولية لهذا القطاع بـ100 بليون دولار سنويا.
حيث شدد المهندس إبراهيم صالح العنزاوي (مستثمر في مجال الخزف) على أن الاستثمار بهذا الجانب في المملكة العربية السعودية يمثل حاجة ملحة نظرا للإقبال الكبير على شراء منتجات الحرف عموما والخزف بشكل خاص مع ندرة المؤسسات العاملة بالاستثمار في الطين الخزفي السعودي وبشكل تجاري، مشيرًا إلى أنه توجد مناطق متعددة في المملكة يمكن استخراج الطين ومعالجته والاستفادة منه على المستوى القومي وتلبية لحاجة السوق.
وأكد أن هناك مناطق متميزة بتربتها في المملكة العربية السعودية لإنتاج الطين الخزفي مثل مادة الكاولين في منطقة الخرج وهي من المواد الرئيسة لتركيب الطين الأبيض وهو يعطي تصلبا ونقاوة بالإنتاج, كما يتوفر في منطقة دورما مادة الطين الأحمر وهي ذات خصائص رائعة ومميزة على مستوى العالم, كما يتوفر الفلدسبار والبولي كليه والجاينا كليه وغيرها من المواد الطينية الأولية كثيرا من مناطق المملكة كمنطقة سدير ومنطقة سكاكا بالجوف حيث أنها غنية جدا بهذه المواد.
وطالب العنزاوي بضرورة تشجيع الاستثمار في قطاع الحرف والصناعات التقليدية وإعادة تأهيل العاملين في القطاع ليتمكنوا من مواكبة احتياجات السوق ومتطلباته وتأسيس وحدة ربط بين الجهات المعنية من خلال الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وضمن برنامج بارع لمتابعة صقل مهارات الحرفيين وتوجيههم نحو تصاميم تخدم المنتجات الحرفية ليمثل بذلك مركزا موجها للإنتاج والتسويق وبشكل إشرافي إضافة إلى تشجيع المؤسسات المعنية للاستثمار في استغلال المواد الطينية واستحداث خامات جديدة تدخل وتتواكب مع متطلبات السوق المتجددة.
وأكد المستثمر في أعمال الحرف لؤي سعيد رمضان أن المملكة مؤهلة بما تتمتع به من ميزات استثمارية في هذا المجال لاحتلال مكانة أفضل وأن يسهم هذا القطاع مساهمة فعالة في الحراك التنموي بأوجهه المختلفة وفي رفع المستوى المعيشي لفئة كبيرة من فئات المجتمع، معددًا ميزات المشاريع الحرفية من التكلفة المتواضعة قياساً بحجم الإنتاج والمردود المادي العائد منها وقلة نسبة المخاطرة وارتفاع نسبة الأرباح المتأتية منها.
وأوضح رمضان أن هناك عاملين هامين يبشران بنهضة هذا القطاع على مستوى المملكة أولهما الاهتمام الملكي بمشاريع التنمية المختلفة والإشراف والرعاية والدعم المباشر من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لقطاع الحرف والسياحة وما يمثله من حماية مؤكدة تضاف للنهوض والتطور الحقيقي والجاد للقطاع، وثانيهما وجود هيئة رسمية راعية للقطاع من خلال الهيئة العامة للسياحة عبر مشروع بارع، موصياً بضرورة توجيه الحرفيين وصقل مهاراتهم لاستخدام الوسائل الحديثة بالإنتاج ومتابعتهم بالتوجيه والتوعية لمتطلبات المنتج والسوق من حيث التصميم والجودة والتكلفة ومن خلال مستشارين متخصصين في التدريب وضبط الجودة ووضع خطة استراتيجية قصيرة الأمد واضحة الأهداف للنهوض بالقطاع الحرفي تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات على الأكثر.
21 ألفاً من حرفي في المملكة
يشار إلى أن البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع»، التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، قام بتمويل الشركات الحرفية الصغيرة والمتوسطة، وتنشيط التسويق والدعاية للحرف اليدوية السعودية، وحماية العلامات التجارية وحقوق التأليف والنشر للمنتجات السعودية.
ونجح البرنامج في تحقيق العديد من الإنجازات على المستويين المحلي والدولي، والتي يأتي في مقدمتها وضع استراتيجية للحفاظ على صناعة الحرف اليدوية في المملكة وبنائها من خلال لجنة وزارية بمساعدة خبراء دوليين، والتعاون مع مشروع اليونسكو في تدريب وتطوير الحرف اليدوية في المملكة، إضافة إلى الموافقة على انضمام الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى عضوية الاتحاد العربي للمنتجات والحرف اليدوية الذي يقع مقره في تونس.
كما قام برنامج (بارع) بتشجيع العمل من المنازل من خلال تسهيل عملية حصول الحرفيين على تصاريح العمل، وتم إقناع مراكز التسويق في المدن بتوفير مساحة حرة للحرفيين لبيع منتجاتهم في تلك المواقع.
وتشير الإحصائيات إلى وجود ما يقارب 21 ألفاً من الحرفيين في المملكة يعملون في هذه الصناعة حاليا، ويعمل البرنامج على دعمهم في ثلاثة مجالات هي: إقامة الفعاليات والمعارض المرتبطة بالحرف والصناعات اليدوية ودعمها ماديا، وتطوير ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة في الحرف والصناعات اليدوية، وتسويق منتجات الحرفيين عبر القنوات المتاحة، كوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويبلغ عدد المسجلين في السجل الوطني للحرفيين والحرفيات حتى الآن 4740 حرفيا وحرفية، من مناطق المملكة المختلفة.
فيما يبلغ عدد مراكز الإبداع الحرفي 17 مركزا للإبداع الحرفي موزعة على مناطق المملكة، يعمل منها حاليا» 7مراكز، ومن المتوقع أن تتسع بمجملها لـ1060 متدربًا في حال عملها مستقبلا»، وهي تمثل إحدى أهم مبادرات البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية.