وقفتُ وصاحبي عند إحداهن تبيع الشاي على (فود ترك) المعروفة بالمطاعم المتنقلة، التي تغطي وتوجًد في الأماكن المزدحمة، أو الحدائق، فأخذته الغيرة: كيف نرضى لنسائنا هذا الوضع؟
قلت: على رسلك؛ أما كانت النساء إلى قبيل عصر الطفرة (بالمناسبة هي لزمة (اقتصادية) طغت في وعينا على فترة ما بعد الـ1400 هجريًّا)
في الأسواق يبعن في (بسطات)؟
وأحسبه يروم أسواقًا لهن كـ(سوق الحريم) -كذا عُرف- ويقع شرق مقبرة الحلة، ويومها كانت النساء يوجَدن به بين «بائعة» ومتبضعة.. بل مما عهد من بعضهن أنها ربما زارت البيوت، تنشد النساء اللاتي إما يصعب عليهن التسوق، أو يأخذهن الخجل..
قال: نعم، لكن.. وهمَّ أن يسترسل..
فقاطعتُ: الموضوع يا حبيب يوجز بالآتي:
حين أتت الطفرة فارتفع معظم المعيلين من هذه الدخول المتدنية إلى ذوات دخول وسط فأعلى، استغنت تلكم - أي صاحبات البسطات - واليوم والحال لا تخفى مع ما خفي كثير من بريق ذاك العصر، فماذا علينا لو قبلنا (السائد) من الحالة المتدنية للدخول، وكأن الدنيا دارت، فعادت بوجه آخر أحوال أُسر {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ}، أو شيء من ضراء (قلة) الدخل.. أن يعودوا إلى سابق حالة هي لم تكن بدعًا.. إلا في أعين جيل أُترف فترة! فلم يعد يقبل أو بالأصح يبلع وجود مثل هذه المناظر، التي -للأسف- هناك من ربطها بالدين عسفًا، من ناحية الحياء و...
وبالتأكيد إن أغنى الله تلك الفئة فجزمًا لن تبقى على ما تشاهده (.. فمن سيرضى تلك الوضعية)، بل ما الحاجة لمثل هذه الأعمال لولا شدة ظرف أولئك، فـ(إيش جابرك على المر، قال اللي أمرّ منه)..
وكما أن الجسد تظهر به علامات الداء.. فالمجتمعات يتضح عليها علامات.. في كثافة من هم دون الدخول المعتدلة.
إذًا هي أحوال تستدعي ذلك.. ولا غير..
ولا ضير أن تلفى فتقبل تلكم الحالة..
على نحو ما جاء في (تقرير) بصحيفة الرياض في تاريخ 6-10-1438هـ أن هذا الأمر الـ(عيب) بالأمس ذاته أمسى عند تلك الفئة من الماضي! لأن الأحوال بإيجاز تحتاج إلى من يشمر عن ساعديه، وينخرط في أي عمل شريف يكرمه، ويعزه؛ وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خيرٌ له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه» متفق عليه.
.. ثم كم من غني انتكس، أو فقير استعزّ..
وإلا لما أطلق على دنيانا بـ(الدوارة)، أي التي لا تثبت على حال..
ألا فلتحمد الله، وتطلب أن لا يحوجك لمثل هذه التي ربما تزدريها وأنت لا تدري داعيها، بل هي (غيرة) لديك تدفع لنقد المشاهد.. بدون تقدير لظروف الناس؛ لأنه بالتأكيد لم تنفتح تلكم - أي على هذه المهن - إلا للحاجة التي تجعل بعض من كبرياء الذات يتوارى بلا قصد.