زكية إبراهيم الحجي
يبدو أن التعصب العثماني لدى أردوغان هو نتيجة تفاعل مجموعة من العوامل المتداخلة مع بعضها البعض.. ولعل من أبرزها النسق العقيدي والتنشئة السياسية القائمة على نزعة الانتقام والثأر ممن يعتبرهم أعداء، بالإضافة إلى نزعة الاستعمار والهيمنة.. ويتضح هذا التعصب للعثمانية البائدة بعد سقوطها المَهين من خلال استخدام أردوغان مصطلح»نحن أحفاد العثمانيين» في معظم الخطب السياسية التي يُلقيها سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الدولي.. هذا الرجل ارتبط في ذهنه حلم مشروع سياسي توسعي يسعى جاهداً لتحقيقه، وهو أن تكون تركيا امتداداً لما يُسمى الإمبراطورية العثمانية، إلا أن التاريخ لا يرجع للخلف حتى في الأحلام يا سيد أردوغان.
منذ سنوات وبعد عقود من سقوط الدولة العثمانية وأردوغان يردد على مسامع شعوب العالم بما أسماه بموروث الأجداد وأنه متشبثٌ باستعادته.. ولعل سعيه للتغلغل والتحكم في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر وفق أجندة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وبدعم مادي من النظام القطري.. دليل واضح على ما يُخطط له من يُطلق على نفسه بحفيد العثمانيين، بل هو في حقيقة الأمر حفيد الطامعين المستعمرين.. ومن شابه أباه فما ظلم.
ولأن حفيد الطامعين المستعمرين «أردوغان» ينظر للقارة الإفريقية بأنها تشكل رقعة جغرافية إستراتيجية لها أهميتها بالنسبة لتركيا حسب اعتقاده، لذلك سعى لأن يكون له موطئ قدم له في السودان عبر اتفاقية جزيرة سواكن التي تمت بينه وبين الرئيس السوداني المعزول عمر البشير عام 2017 لكن ضربة مباشرة وموجعة تلقاها أردوغان من المجلس العسكري الانتقالي السوداني الذي تشكل عقب سقوط البشير عندما أُعلن بأن»سواكن»جزء لا يتجزأ من أرض السودان وتاريخها من تاريخ السودان، وبسقوط البشير ارتبكت الحسابات التركية وحُشِر حفيد الطامعين المستعمرين في الزاوية الضيقة.. ورغم الصفعة التي أوجعته والخسارة التي أطاحت برنامجه التآمري المقيت حول جزيرة سواكن، إلا أن من شابه أباه تظل أحلام وكوابيس التآمر والأطماع التوسعية تدغدغ عقله المهووس.
اليوم نجد هذا الرجل ينتهك كل الأعراف والمواثيق الدولية ويقدم لنفسه صكاً شرعياً للوصاية على ليبيا ويسعى لاحتلال أرض ذات سيادة بذريعة حمايتها.. لكن تقول إن نوايا حفيد العثمانيين الطامعين المستعمرين تقف وراء استماتته كي يضع يده على أموال وموارد الشعب الليبي حتى ولو كان ذلك على حساب أمن واستقرار هذه الدولة التي لم تشهد استقراراً منذ الإطاحة برئيسها السابق معمر القذافي.
أردوغان مجرد إنسان حالم مصاب بجنون العظمة.. وستنتهي أحلامه النرجسية الشوفينية عندما يتلقى صفعة جديدة أقوى من الصفعة التونسية التي تلقاها من الشعب التونسي؛ وستنتصر ليبيا الدولة العربية وتنعم بالأمن والاستقرار بإذن الله.