للمملكة العربية السعودية خصوصية تنفرد بها وتتميز عن سائر بلدان العالم؛ حيث وجود الكعبة المشرفة والحرمين الشريفين، وهي الدولة الوحيدة التي تطبق الشريعة الإسلامية، ومواقفها تذكر فتشكر في خدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان، ورعايتها للشأن الإسلامي وقضاياه ومستجداته ليس وليد اليوم فمنذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- كان يؤمن بأن للمملكة العربية السعودية (وهي بلد الحرمين الشريفين) دوراً رائداً في نشر الإسلام، وخدمة المسلمين في العالم كله، ومناصرة قضاياهم، لأن هذه البلاد قبلة المسلمين، ومهبط الوحي، ومهد الرسالة المحمدية.
وعلى هذا النهج القويم سار أبناؤه البررة من بعده، مشبعين بهذه الروح الإسلامية ومحافظين عليها، ومما لاشك فيه أن هذا المنهج دائم، مستمر -ولله الحمد- في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- لأنهما على ذات النهج يسيرون، ومن ذات النبع الإيماني الصافي ينهلون، وما من بقعة في هذا العالم إلا كانت مقصداً لهم في بث هذا المنهج، فتأسست الهيئات والمنظمات الدولية التي تخدم الإسلام والمسلمين, وبنت آلاف المساجد في العالم، وأسست مئات المراكز والجمعيات والجامعات الإسلامية التي تعنى بشئون المسلمين.
لقد شهدت عن قرب الجهود المبذولة العظيمة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، وهذا المنهج الخير المبارك لا يمكن التراخي والتهاون فيه بأيّ حال من الأحوال.. فالمملكة العربية السعودية تعد العمل الإسلامي وخدمة الإسلام والمسلمين منهجاً لها وليس مصالح مؤقتة تساوم عليها، وقد يتأثر لظروف اقتصادية أو غيرها ولكن لم ولن يتوقف بإذن الله، ومع الدعم المادي للمشروعات.. فهناك الدعم المعنوي ومد الجسور مع علماء الأمة والمراكز والهيئات والجمعيات الإسلامية ذات المنهج الوسطي المعتدل مستمر، وتقوية الصلات مع خريجي الجامعات والمعاهد السعودية في هذا الوقت وكل وقت.
وأعاود القول إن خصوصية المملكة وريادتها ينطلق من عقيدة مفادها الإيمان بما تقوم به المملكة وبأنه واجب شرعي ينطلق من قوله: (إنما المؤمنون إخوة)، وأنه من باب التعاون على البر والتقوى. وعلى هذه المبادئ الواضحة الهادية انطلقت سياسة المملكة العربية السعودية في مساعداتها للمسلمين في العالم، فلم يكن الأمر مجرد أمنيات، أو مجرد شعارات حزبية أو سياسية أو شعبوية أو تمهيداً لجمع أصوات انتخابية، بل هو عمل دائب وخير لا ينقطع بإذن الله، ولعلي أقدم أنموذجاً ومثالاً واحداً لعطاء المملكة الإنساني ومن ذلك ما أوضحه المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، أن المملكة قدمت للاجئين والنازحين في العالم خلال العقدين الماضيين مبالغ مالية تجاوزت 17 مليار دولار، خصص منها 925 مليون دولار للمنظمات الأممية والدولية، وبلغت حصة المفوضية السامية لشئون اللاجئين منها 287.9 مليون دولار وهذا غيض من فيض في بحر العطاء.
إن المملكة العربية السعودية حجر الزاوية في العمل الإسلامي، وهي بشموخها وريادتها على أرض الواقع لا يهزها ولا ينقصها محاولة الأقزام بالتسلق على قلعة المسلمين، وقائدة العالم الإسلامي، التي تعمل في وضح النهار لأن رسالتها وهدفها واحد وهو عزة وقوة الأمة الإسلامية التي تحرص عليها أشد الحرص، في وحدة الكلمة ولم الشمل والعمل المشترك بعيداً عن المصالح والمكتسبات السياسية.
وفي ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية وما يمر به العالم أجمع من أزمات ومحن، فمن الأهمية بمكان أن توضع إستراتيجية للعمل الإسلامي والاستفادة من خبراء المملكة العربية السعودية الذين كان لهم دور السبق والريادة في تأسيس قواعد العمل الإسلامي والإغاثي والتركيز على الإعلام الإيجابي الذي يعزز صورتنا الجميلة لدى الأشقاء والأصدقاء ولدى شعوب العالم أجمع بعقلانية واتزان.
وهناك من يحاول التقليل من جهود المملكة العربية السعودية في العمل الإسلامي، وتحاول بعض الدول وأصحاب الأهواء تشويه الصورة الجميلة للمملكة وجهودها في البلدان العربية والإسلامية وبلدان الأقليات أو التقليل من شأنها، وقد نكون نحن من يشارك في التقصير في إبراز جهود المملكة وخاصة من قبل المؤسسات القائمة على العمل لأنها تركز على أخبار رئيس الجهاز الشخصية أكثر من أخبار البرامج والمناشط والأعمال التي قدمتها المملكة.