فهد بن جليد
العروض المسرحية ارتبطت في أذهاننا (بالأعياد) نتيجة عدم وجود عروض خارج تلك المواسم والمناسبات، إلاَّ أنَّ الحراك الثقافي والانتعاش المسرحي الجميل الذي نشهده اليوم بإعادة الأمل والحياة الطبيعية لتدور من جديد على (خشبة المسرح) في كل مكان ومدينة، يجعلنا أمام حقيقة واضحة بضرورة عدم بقاء تلك العروض حبيسة مسارح غير دائمة أو حتى غير مؤهلة لتقديم العروض المسرحية الفنية، لناحية الإضاءة وتجهيزات الصوت والمقاعد والخدمات وغيرها ممَّا تحتاجه العروض المسرحية من تجهيزات، مسارح الجامعات وبعض المنشآت قامت بواجبها في فترة سابقة على الأقل للحفاظ على (أبي الفنون) من الاندثار، خصوصاً بعد إيقاف (شعبة المسرح) بكلية الآداب بجامعة الملك سعود والتي كانت نواة لتخريج المسرحيين السعوديين وإمداد هذا الفن والقطاع بالمُتخصِّصين في ذلك الوقت، ولكنَّ تلك المسارح والقاعات في نهاية المطاف لم تكن مُجهزة بشكل كاف لاحتضان الأعمال الفنية وتجهيزاتها اللازمة، وهذا أمر طبيعي في ظل إنشائها في الأصل لأغراض أخرى.
نحن بحاجة الإسراع في وضع الضوابط والاشتراطات اللازمة لمنح تراخيص لمسارح تجارية أو أماكن عرض خاصة ومُستقلة، يملكها رجال أعمال أو شركات استثمارية أو حتى جهات حكومية وخاصة، يمكن أن تستثمرها لإقامة حفلاتها ومناسباتها أولاً، ومن ثمَّ تأجيرها لتقديم العروض المسرحية التجارية، ما يشكل عائداً استثمارياً للجهة من جانب، ومُساهمة مُجتمعية من جانب آخر، وهذا معمول به مُنذ وقت مبكر في العديد من البلدان، لا سيما ونحن نشهد خطوات ووثبات وزارة الثقافة لدعم الفنون الثقافية والموسيقى بكل أشكالها بالتعليم والابتعاث، ما يفتح شهيتنا أكثر لتحقيق المزيد واختصار (عجلة الزمن) للحاق بالركب حتى نكون في مكاننا الطبيعي في صدارة المشهد الثقافي والفني.
مهما تعدَّدت الاستراتيجيات والخطوات لدعم المسرحيين وتأهيلهم بأشكال مُختلفة، سيبقى المبنى الشامخ هو (الضامن الأكبر) لبقاء الحركة المسرحية، لذا أنا مُتفائل جداً بأنَّ العام الجديد 2020م سيشهد ولادة مسارح سعودية خاصة وتجارية بل ومُتخصصة أيضاً تُسهم في الحراك الثقافي الذي ترعاه وزارة الثقافة بكل اقتدار، لتنافس أرباح المسارح عوائد (قاعات الأفراح وصالات الجيم) المُنتشرة في شوارعنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.