د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** يذكر الدكتور عبدالعزيز بن عبدالفتاح القارئ 1365هـ أن علوم القرآن الكريم ثمانون، وأن الإمام السيوطي عدَّها مئة، وأن مجال التفسير أكثرُها رحابة، وروى في ملتقى أهل التفسير «الإصدار الثامن- ط2- 2015م» أن أحد أعضاء لجنة مراجعة طباعة المُصحف الشريف في المدينة المنورة اكتشف -بعد مئةٍ وثماني مراجعات واليقينِ بتمام العمل - وجودَ خطأٍ في آية «وإنه لحسرةٌ على الكافرين»- الحاقة 50- بسقوط حرف اللام؛ فمرض أحدُ أعضائها، وهو العلامة الدكتور محمود سيبويه البدوي 1349-1435هـ، واعتكف أسبوعًا في منزله فزعًا وطلب إعفاءه من اللجنة ورعًا، وروجع عشر مرات إثر ذلك، ولم يُكتشف حتى اليوم أيُّ خطأٍ في النص أو الضبط أو الرسم في منهجيةٍ تجمع المسؤولية والدقة.
** ومنذ ثلاثين عامًا اهتم «الدكتور المهندس» محمد شحرور «1958-2019م» بالتفسير العقلي للكتاب المقدس فأثار واستثار، وقد عرفه الأكثرون قريبًا عبر القنوات الفضائية والوسائط الرقمية، ووعاه غيرُهم حين أصدر مؤلَّفَه: (الكتاب والقرآن: رؤية جديدة) عام 1990م في أكثر من ثماني مئة صفحة بملحقاته، وهو كتابٌ تحوليٌ استقبل ردودًا عنيفةً في معظمها أشبهت ما طال كتاب الشيخ عبدالله القصيمي 1907-1995م»: (هذي هي الأغلال) عام 1946م؛ فأشهرت الردودُ الكتابين، ولو كانت ردودًا هادئةً لربما امتد الحوار معهما في خطواتهما الأولى فأعادتهما وما استعدتهما، ثم تجاوزا أُطر المنهج والمسؤولية وهوَّمَا بعيدًا كما ارتضيا، وإذ قدِما إلى ربهما فندعوه تعالى أن يتولانا وإياهما بعفوه متمنين الكف عن الخوض في سيرتيهما ومآليهما، وبارئين إليه سبحانه من الشامتين والشاتمين، سائلين المولى أن يردَّنا إليه غيرَ فاتنين ولا مفتونين.
** لم يدَع الدكتور محمد شحرور سبيلاً لمن لم تعنِه العناوينُ اللافتة أن يراه كما شاء فاستحق محاكمة علمية لا شخصية يتولاها الضالعون في علوم الكتاب المبارك تراعي مراحلَ تفكيره في كتاب الله بدءًا من عام 1970-1980م؛ فقد أوضح أن هذه المرحلة كانت مرحلةً مقفرة أعقبتها حتى عام 1986م مرحلةُ إفادته من صديقه الباحث اللغوي الدكتور جعفر دكّ الباب 1937-1999م، وكانت قد جمعتهما الدراسة في روسيا «الاتحاد السوفيتي سابقًا» بين عامي 1958-1964م، تلتها مرحلة تأليف الكتاب الذي ضم في آخره كتاب «أسرار اللسان العربي» للدكتور الباب.
** اتكأ شحرور في كتابه هذا على المنهج التأريخي العلمي، والتلازم بين اللغة والتفكير، وإنكار الترادف اتباعًا لمنهج ثعلب وأبي عليٍ الفارسي وابن فارس في معجم مقاييس اللغة؛ فالكتابُ -كما أعتقد- غيرُ الذِّكر، وهما مختلفان عن القرآن والفرقان، والترتيل ليس التلاوة مؤصلاً لنظرية ثعلب في أن الترادف تباين، ولعل المتخصصين يناقشون طرحه بموضوعية وهدوء فلن يجديَ تقديسُه من محبيه ولا تدنيسُه من مناوئيه، كما لن يستفيد المزايدون في الاتجاهين سوى إضافة تيهٍ إلى متاهات.
** الأدلجةُ لجلجة.