د.شريف بن محمد الأتربي
عندما دقت أجراس الساعة الثانية عشرة مساء الثلاثاء الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 2019 يكون قد أنطوى من القرن الحادي والعشرين عقدان من الزمان، تبدلت فيهما دول، وتغيرت دول، وبدأت قوى جديدة في الظهور على الساحة السياسية والاقتصادية بقوة الأفعال، وليس اعتمادًا على تاريخ، ولا على أقوال مرسلة كالريح العاصفة.
فمع انتهاء دقات أجراس الساعة تبدأ حقبة جديدة، سنة جديدة، عقد جديد، خمسية جديدة، يبدأ كل شيء جديد. فماذا أعددنا نحن المواطنين السعوديين لهذا الوطن المعطاء؛ لنقدمه خلال هذه الحقبة؟ هل سنظل نقدم عبارات أم ستكون أقوالنا أفعالاً؟
ففي هذا العام هناك العديد من الأحداث المهمة التي سيمرُّ بها وطننا الغالي؛ وينبغي علينا أن نقف جميعًا يدًا واحدة وصفًّا واحدًا خلف قيادتنا الرشيدة التي لم تبخل على الوطن، ولا علينا نحن المواطنين، بأي شيء، بل هي تسعى لتوفر الشيء قبل طلبه؛ ليكون لها السبق في إحداث التطوير والتغيير لوطن يستحق ذلك كله وزيادة.
في هذا العام سيكون هناك استضافة من قِبل المملكة لأعمال الدورة الخامسة عشرة لاجتماعات قمة قادة مجموعة العشرين يومَي 21 و22 من شهر نوفمبر من عام 2020؛ لتكون بذلك القمة الأولى من نوعها في العالم العربي. وسيشارك في هذه القمة - بإذن الله - قادة الدول العشرين التي تمثل أضخم اقتصاديات العالم. كما سيشارك في الاجتماعات عدد من قادة الدول الأخرى الذين تتم دعوتهم لحضور القمة، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية.
وفي هذه السنة أيضًا نجني ثمار «برنامج التحول الوطني 2020»، إحدى مراحل خطة تحقيق وتنفيذ «رؤية المملكة 2030»، وذلك في المرحلة الخامسة منه: المراجعة والتحسين المستمر، وإطلاق مبادرات جديدة، وضم جهات إضافية. وهو البرنامج الذي أُعد من أجل بناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية المملكة 2030 على مستوى 24 جهة حكومية (16 وزارة و8 هيئات حكومية) قائمة على القطاعات الاقتصادية والتنموية. ويحتوي البرنامج على الأهداف الاستراتيجية المرتبطة بمستهدفات مرحلية بداية من العام 2016 حتى العام 2020، وقد لحقها مراحل تشمل جهات أخرى على مدار السنوات الخمس السابقة. وقد تم اعتماد 543 مبادرة للجهات المشاركة للبدء، قُدرت تكاليفها الكلية على الحكومة بـ270 مليار ريال.
أضف إلى ذلك العديد من المشاريع التي تصب كلها في خانة تنمية وتطوير المجتمع السعودي، وتحقيق الرفاهية للمواطنين الذين يعدون هم السواعد المنفذة لكل هذه المشاريع، وتعول عليهم الدولة وقيادتها الرشيدة للقيام بالأعمال المنوطة بهم لتحقيق هذه الغايات والأهداف المأمولة.
إن عبارة «سعودي وأفتخر» تلزمنا نحن المواطنين بالكثير والكثير.. تلزمنا بالتفاني في العمل، ومراقبة الله تعالى في كل ما نقوم به.. تلزمنا بالمحافظة على مكتسبات الوطن، وما قدمته حكومتنا الرشيدة خلال السنوات الخمس الماضية من مكتسبات لأبناء الوطن.. تلزمنا بأن نُحسن الجوار، وأن نتكاتف ضد كل الأطماع الخارجية وقوى الشر المتربصة بنا وأذرعها الداخلية.. تلزمنا بأن نسأل أنفسنا قبل أن نُلقي بالمهملات على قارعة الطريق، أو نعتدي على حرمته، أن نفكر هل هذا سلوك المواطن السعودي؟ هل تفتخر بهذا العمل بوصفك مواطنًا سعوديًّا؟ ماذا لو رأيت أحدًا يقوم بالعمل نفسه في دولة من الدول الخارجية التي نسعى لزيارتها جميعًا، ونتغنى بحضارتهم؟ هل سترضى بهذا العمل؟
تلزمنا هذه العبارة بحُسن تربية أبنائنا، والبُعد عن التحزب والقبلية ونشر التشاؤم في الأوساط المجتمعية.. تلزمنا بأن نهتم بتعليم أبنائنا، ونُحسن تأهيلهم؛ ليكونوا جنودًا للوطن في كل مجالات العمل.. تلزمنا بأن نكون رجل الأمن الأول والعين الفاحصة لكل من يريد النيل من استقرار الوطن أو نهب ثرواته.. تلزمنا وتلزمنا بالكثير والكثير.. ولن يرضى الوطن أبدًا بأن تكون عبارة «سعودي وأفتخر» زينة للوحات والإعلانات في يوم الوطن، ولكن سيكون الرضا حين تتحول إلى أعمال، تسهم في رفعة الوطن، حتى ولو كانت إماطة أذى عن الطريق.
ارفعوا رؤوسكم أبناء الوطن، واجعلونا نفتخر بأننا أبناء هذا الوطن بأفعالنا وأقوالنا، وليس بحناجرنا فقط.