عثمان أبوبكر مالي
اليوم في مستهل أول شهور العام الميلادي الجديد تبدأ الفترة الثانية لتسجيل اللاعبين المحترفين في الأندية السعودية، وهو ما اصطلح على تسميته الفترة الشتوية أو (ميركاتو الشتاء)، وهو الموعد الذي تقوم فيه الأندية (عادة) في كل أنحاء العالم ببعض الصفقات (المميزة) جدًّا، التي لها صبغة مختلفة، وتفاصيل مميزة بالنسبة للاعبين الذين تستعين بهم، على اعتبار أنها صفقات (تكميلية) لمراكز وصفوف فرقها، أو هي على وجه الدقة (تصحيحية) للثغرات والأخطاء التي ظهرت في الفرق خلال قرابة نصف مباريات الموسم في البطولات المحلية على الأقل، التي لم يتمكن الفريق سدها من خلال عناصره الموجودة أو فِرَقه السِّنية، ويكون التصحيح عن طريق (استبدال) بعض الأسماء بأخرى جديدة في المراكز نفسها أو غيرها. وقد يكون التصحيح ليس لسوء الاختيار وإنما لفشل الأسماء التي تم إحضارها، وعدم تأقلمها مع الفريق وأدائه وأسلوب لعب مدربه؛ فيتحتم التغيير. وربما يكون من أسباب التصحيح تغيير حدث في الجهاز الفني، يجعل المدرب الجديد يرفض بعض الأسماء الموجودة، حتى وإن كانت تجد الرضا والقبول من جماهير ومسيِّري النادي، لكن القرار الفني له الرأي، وأحيانًا يكون لذلك الرأي (ضحايا)، يفقد الفريق بسببها أسماء فاعلة وقادرة. وكاستدلال لهذا القول ما حصل لفريق الاتحاد في أول الموسم؛ إذ أصر الرأي الفني على الاستغناء عن أسماء جيدة، بل كانت فاعلة في الموسم الماضي، لكنها ذهبت ضحية قرار فني مجحف، استبدلها بأسماء أخرى، أظهرت الأيام لاحقًا أنها أفشل من الفشل(!!)
قد يأتي التصحيح أو التبديل بسبب إصابة تعرَّض لها لاعب ستجعله يغيب وقتًا طويلاً، يحرم خلاله الفريق من خدماته؛ فيتم (تعويض) اللاعب باسم آخر في صفقة انتقال (شراء)، أو إعارة حتى نهاية الموسم، يعود بعدها إلى فريقه، بعد عودة اللاعب الأساسي ما لم يتم الاستغناء عنه.
عادة الفترة الشتوية عكس الفترة الصيفية التي استغرقت هذا الموسم أحد عشر أسبوعًا (تقريبًا)؛ فهي قصيرة في مدتها؛ إذ تستمر شهرًا واحدًا (4 أسابيع) فقط في معظم الدوريات في العالم، بما فيها الدوري السعودي؛ وهو ما يؤكد أنها فترة (تصحيحية)، تحتاج إلى (دقة) كبيرة في الانتقاء والاختيار، وهي بمنزلة (الاختبار) الأخير قبل نهاية الموسم الرياضي.
كلام مشفر
(عند الامتحان يُكرَم المرء أو يهان) هذا المثل ينطبق على الفرق السعودية في تعاملها مع الصفقات الشتوية؛ فمعظمها - إن لم يكن جميعها - في صفوفها ما يحتاج إلى دعم وتقوية لمواصلة المسيرة، وبعضها يحتاج إلى ترقيع أو ترميم من أجل العودة والمجابهة، وفيها ما يحتاج إلى تغيير كبير جدًّا حتى يصمد، ويضمن البقاء موسمًا جديدًا في دوري الكبار.
فريق الاتحاد لكرة القدم (الوحيد) بين الكبار الذي يحتاج إلى (ترميم وترقيع) في صفوفه بعد أن تصدع كثيرًا منذ انطلاقة الموسم بسبب رؤية فاشلة من مدربه السابق، أقصت لاعبين يُستفاد منهم، وأحضرت آخرين أقل سيئين؛ فاستمرت حال الفريق على ما كان عليها الموسم الماضي، وترنحه في المسابقة، وموقفه الضعيف في البقاء.
وليس بالترميم والترقيع فقط سينجو الفريق، وإنما يحتاج أيضًا إلى (تعامُل) إداري مختلف، يجيد احتواء اللاعبين، وكسبهم، وتفريغهم للعب والانصهار في بوتقة الفريق، واستعادة روحه العالية المعروفة، وهو ما لا أرى إمكانية حصوله بالأسماء الإدارية (الحالية) التي تتولى مسؤولية الفريق؛ إذ لا بد ـ من وجهة نظري ـ أن يشمل التغيير الجهاز الإداري بأسماء أخرى أكثر تجربة وإقناعًا.
يقل الحديث في الميركاتو الشتوي عن انتقالات اللاعبين المحترفين المحليين؛ والسبب في ذلك أن غالبية عقودهم تنتهي بنهاية الموسم، وانتقالاتهم تحدث في الصيف، وقد يصادف دخول بعض اللاعبين (الفترة الحرة) أثناء انتقالات الشتاء؛ وهو ما يتيح لهم إمكانية (التوقيع) مع أندية أخرى من غير الانتقال؛ إذ تتمسك بعض الأندية بفترة الأشهر الستة الباقية، وقد يختار اللاعب نفسه أن يكون انتقاله مع بداية موسم، يتيح له الانخراط من أوله خلال فترة الإعداد ومعسكرات التهيئة؛ لتزداد فرص اندماجه وانسجامه وتقييمه أيضًا.
غدًا تُعقد الجمعية العمومية التي دعت إليها إدارة نادي الاتحاد. وكما توقعتُ، بدأت الإدارة إجراء بعض الصفقات لفريق كرة القدم قبل الجمعية، ومع تباشير الميركاتو، وهو ما لم يكن سيحدث فيما لو أنها استجابت للطلبات (المتهورة) التي كانت تنادي برحيلها خلال الفترة الماضية، ولم تكن سوى طلبات منفعلة، بل (منفلتة) في معظمها، وتفتقر للتروي والحكمة من وجهة نظري.