علي الخزيم
معاني خدش الحياء والتحرش والفعل الفاضح ونحوها؛ متفق على تحديدها عند أغلب الشعوب والمجتمعات، غير أن التفرعات والتفاصيل بالمضامين والمفاهيم العامة قد تختلف من بيئة لأخرى، وبمجتمع عن غيره، فحين يتلفظ شاب بألفاظ ذات إيحاء غزلي أو جنسي تجاه فتاة في بيئة مُحافِظة؛ فالأمر قد يختلف شيئاً ما عند مجتمع آخر أكثر انفتاحاً، على أن كل الشعوب والمجتمعات لا تقبل التعدي على حدود الآداب والذوق العام، والقصد: أن فعلاً أو حركة أو لفظًا قد يكون محل تسامح نسبي بمجتمع في حين أن المجتمع الآخر يُجَرِّمه.
فئة من الشباب العربي بعامة قد يكون نالهم نصيب من السفر والترحال والدراسة بخارج بلادهم في مجتمعات أكثر انفتاحاً من مجتمعهم واعجبتهم بعض التعاملات الودودة معهم، فيفسرونها بمفاهيمهم الوافدة معهم لتلك المجتمعات على أنها دعوة لتخطي حدود الشرع والآداب والعرف والتقاليد، وهي بواقع الأمر ليست كذلك ولم تُصرح لهم تلك الشعوب بهذا المعنى؛ إنما هو نمط للحياة هناك مع الاحتفاظ بالقيم العامة ومراعاة القانون المتعلق بنتائج التجاوز بهذا الشأن، والأسوأ من هذا أن من الشباب بل ومن الكهول من إذا عاد لبلاده ومجتمعه المحافظ أخذ يُقلِّد ما لمسه وشاهده بتلك المجتمعات من طبيعة تعاملاتهم فيترجمها بِوَسَطِه الاجتماعي ببلده بما يخدش الحياء وما يُجَرِّمه بالتحرش وإلصاق الفعل الفاضح بشخصه بما يمس مروءته وسمعته، إذ إن مجتمعه لم يكن ليتقبل ما يمكن أن يتسامح به مجتمع آخر.
في قضايا الذوق العام والتقاليد والأعراف المجتمعية؛ قد ترتكب المخالفة الأدبية الذوقية في البدايات بأسلوب المجازفة واختبار الطرف الآخر إن كان سيقبل الاستمرار بالفعل الخادش؛ ويُقْدِم على هذا بشيء من التخوف أو الخجل المصطنع، وحين يجد مجاملة وقتية من الطرف الآخر لتحاشي الصدام والتصعيد يميل المتهور إلى الفعل الفاضح بوقاحة بلا مراعاة لأصول آداب المجتمع وتقاليده وتديّنه، والأبشع أن النزق حينما لا يجد رادعاً له على ممارساته يجعلها لنفسه عادة ويوحي لأقرانه بأنها عرف متبع زاعماً الميل للانفتاح.
مع انطلاق مواسم الترفيه بأنحاء من المملكة أخذ بعض الشبان من الجنسين بممارسة ما يرون أنه من مضامين الانفتاح والحرية! وما علموا أن المملكة بقيادتها الحكيمة وكل مسؤول وأب وأم بالمجتمع يؤمن تماماً أن هذا فهم خاطئ، ولم تعلن أو تصرح جهة بهذا المعنى، بل بالعكس فإن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وحكومتهما الرشيدة - بإذن الله - أكثر حرصاً وعزماً على حفظ الآداب والقيم العامة من الخدش والتجاوز، والعمل بحزم أكيد على صيانة المبادئ والحدود الشرعية، وردع كل متجاوز، ومن ذلكم أنه بالفترة القصيرة الماضية تم إيقاف مجموعة من الشباب والشابات لم تحدد جنسياتهم ممن تجاوزوا حدود الأدب وتخطوا بتصرفاتهم أثناء المناسبات الترفيهية القيم المتعارف عليها، وتمت مساءلتهم واتخاذ ما يلزم بشأنهم جراء تلك التصرفات النابعة من فهم خاطئ لمضامين الترفيه البريء وخرق وخدش لقيم وعادات المجتمع، وهو ما يتعارض تماماً مع أهداف الترفيه.