الدعم النفسي والتطمين المهني والتشجيع المستمر والنقد الهادف الذي يُفترض أن يلقاه المعلم في الميدان التربوي مطلب تحقيقه للمربي تحفيزاً ومساعدة له. وهذه بعض المؤشرات الجيدة التي طالعنا بها معالي وزير التعليم حمد بن محمد آل الشيخ بكلماته الأبوية وإرشاداته المهمة في أوائل تصريحاته أبان تعيينه والرسائل الإيجابية التي يدلي بها معاليه بين الفينة والأخرى كقوله: «بأننا مقصرون مع المعلمين والمعلمات في التطوير المهني لهم» توحي تلك النصائح بالاهتمام والعناية والتي تٌبشر بعهد جديد من الصداقة والتواصل بين المعلم ومرجعه والتي كانت نوعاَ ما مفقودة بعض حلقاتها.
وبهذا النهج الجديد حتماً -بإذن الله- سيتولد التوافق وخلق أجواءً من المحبة والوئام والتي بالتالي ينتج عنه الاستقرار والإتقان في الإنتاجية بكل ثقة وارتياح. والتصريحات الأخيرة رسالة لكل مسؤول أن يتخذ الأساليب المحفزة والعبارات المشجعة نهجاً وسلوكاً لمنسوبيهم وأن يتعاملوا معهم بلغة الأمان ليشعروهم بقدرٍ من الأهمية وأنهم جزء لا يتجزأ من الكيان وأن المسؤول في صفهم وسند لهم.
ويطيب لي أن أستغل تلك الأجواء بتقديم بعض الرؤى والاحتياجات التي لا تعدو إلا أن تكون محض اجتهادٍ قابلة للمناقشة والتطوير والتي أرجو أن تحوز على استحسان القارئ ورضاء المسؤول.
بطبيعة البشر أنها تسعد وتسر بالمسؤول الذي يهتم باحتياجاتهم وهمومهم ويزداد هذا الرضا إذا كان هذا الاهتمام بالأبناء في التعليم خصوصاً. ومن الاهتمامات الأخيرة والتي لاقت استحسان ورضا الشارع السعودي توجيه وزير التعليم في السنة الماضية تخصيص بعض الدقائق للقراءة والكتابة بداية كل حصة مما يزيد من حصيلتهم اللغوية ويدعم ثقافتهم العامة وقد وفق الوزير لهذه الفكرة, وهذا التوجيه الكريم.
وإذا كان الحديث عن الأبناء بما يخص التربية والتعليم فقد تظهر بعض المظاهر السلوكية والتعثرات التعليمية في بعض المدارس التي تحتاج إلى بعض الوقفات والتأمل وهو التعثر الدراسي لبعض الطلاب والتأخر في التحصيل والمتابعة لعدة ظروف إما لكثرة غيابه المستمر لأيّ سبب كان, أو لعدم قدرته على التركيز ومواكبة زملائه, أو معاناته لضعف الاستيعاب كالفروق الفردية, أو ربما للمشاكل الاجتماعية التي ألقت على كاهله هماً, وبعداً أخرته بالتحصيل والاستفادة، والتي بالتالي أدت إلى تراكم المقررات والواجبات عليه مما يزيد من المشاكل عليه وعلى أسرته.. مع العلم أن المعلم يبذل جهداً كبيراً لمثل تلك الحالات مستنفذاً الطرق النظامية تجاه الطالب. لكن لا يخفى على ذي لب أن المعلم ملتزم بخطة عمل ومنهج, وجدول وأولويات يومية داخل الصف والمدرسة.
وأيضاً أحياناً أعداد الطلاب الزائدة ربما لا تساعده على الوقوف على مثل تلك الحالات إلا بشكل مختصر وسريع وبالتالي عدم وجود الوقت الكافي في الحصة أو اليوم الدراسي لفهم واستيعاب كل المواد الدراسية لهذا الطالب وهذا لا يعنى لا من قريب ولا من بعيد أن المعلم مقصر أو عاجز عن الحل لكن للأسباب الأنفة الذكر.
وهنا يأتي دور ووقت -التدخل السريع- لإنقاذ الموقف ومساعدة الأهل في وضع هذا الطالب وتأخره بالمستوى الذي لا يرضي. وأقرب من يحمل هذا الهم وينقذ الموقف هي المؤسسة التعليمة المنوط بها مسؤولية تعليم الطالب وتحقيق الأهداف العامة للتعليم. ولرفع كفاءة الطالب الدراسية وخلق نوع من الدافعية للتعلم وتعويضه من أيّ نقص أو تقصير وتخفيف عبء متابعة الطالب من المعلم أو الأهل في المنزل, وتزامناً مع مشروع تعزيز القراءة والكتابة أٌقدم فكرة مشروع مساند ومكمل للمعلم بعنوان: (أنا أجتاز بشطارة) وقد راعيت في اختيار العنوان عدة أمور منها:
أ- محاولة الحفاظ على مشاعر وشخصية الطالب بالابتعاد عن العناوين السلبية التي تضر أكثر مما تنفع كمثل: جماعة الضعاف أو مساعدة المتعثرين أو البرنامج العلاجي.
ب- راعيت أن يكون العنوان فيه كمية من التحفيز والتشجيع بشعار أنا أجتاز بمعنى أن الطالب لديه المقدرة أن يتجاوز المشاكل ويغير من مستواه للأفضل من قراره نفسه.
جـ- أنا أعتبر أن العنوان لوحده قوة جاذبة للطالب باكتشاف قدراته ومدى استيعابه.
وفكرة البرنامج أنه يهدف إلى مساعدة المتعثرين على تجاوز الصعوبات والمشاكل التي تواجههم وذلك داخل اليوم الدراسي بإعداد خطة علاجية شاملة وحصر أعداد الطلاب المستهدفين وإتاحة الفرصة لهم من جديد ومساعدتهم على اجتياز الأزمة. بمحاولة خلق أجواء مغايرة للفصل الدراسي من خلال توفير مثلاً إحدى القاعات الموجودة داخل المدرسة -إن وجد- أو الاستعانة بالمكتبة أو أحد الفصول البعيدة نوعاً ما عن بقية الطلاب لإشعار المتعثرين بمدى الأهمية بهم وبمشكلتهم (المؤقتة) فربما بمجرد تغيير بيئة الفصل إلى القاعة المقام فيها البرنامج يساعد ذلك على تحقيق أكبر قدر من الثقة في النفس والتكيف مع أجواء الكتاب وعملية التعلم من جديد. والبرنامج يستهدف بالدرجة الأولى طلاب الابتدائية وتحديداً المتعثرين في القراءة والكتابة ويمكن أن يستفاد منه حتى في المرحلة المتوسطة وغيرها.
ولتنفيذ البرنامج أقترح التالي:
أولاً: الإيعاز إلى أحد معلمي المدرسة ويفضل أن يكون تخصصه لغة عربية وتفريغه لبعض الحصص إن أمكن أو في وقت فراغه كالفسحة مثلاً وتوكيل المهام له ويقدم له بعض الحوافز كتخفيف النصاب أو عدم تكليفه بالمناوبة والإشراف وغيرها من المهام اليومية بقدر الإمكان وتكريمه لاحقاً من مدير تعليم منطقته.
ثانياً: عند تكليف المعلم للبرنامج يقوم بعمل شراكة مع المرشد لتبادل الأدوار والاستعانة بملفات المرشد لتسهيل العملية.
ثالثاً: حصر أسماء الطلاب المتعثرين وتقسيمهم على حسب أسباب التعثر.. فمثلاً الذي يحتاج إلى تقوية بعض المهارات أو من لديه ضعف تام، فالذي لديه بعض المهارات البرنامج العلاجي يكون سريعاً بعكس من لديه تأخر وضعف شديد وهكذا.
رابعاً: عقد جلسات إرشاديه للكشف عن أسباب التعثر الدراسي يشترك فيها كلٌّ من المعلم والمرشد والوكيل.
خامساً: يفضل للبرنامج أن لا يتجاوز مدته ثلاثة أيام من كل أسبوع.
سادساً: تتم إعادة شرح القواعد الأساسية للطالب التي تساعده في اللحاق بزملائه وإدراك باقي المنهج.
سابعاً: محاولة التنويع في استخدام الأساليب وطرق التدريس فمثلاً تكون حصة يستخدم فيها التعلم التعاوني وحصة أخرى أسلوب التعلم الفردي مع الطالب مباشرة وهكذا.
وعند تنفيذ البرنامج نكون قد كسبنا عدة مكاسب منها وأهمها مساعدة المتعثر والنهوض بمستواه, والمكسب الآخر تخفيف العبء والضغط على الأسرة وقطع الطريق أمام تجار الدروس الخصوصية. وبهذا الخصوص يقول: الدكتور الفنلندي باسي سالبرغ إن أحد خطوات النهوض بالتعليم تكثيف الدروس الخصوصية داخل فناء المدرسة .أ.هـ.
عزيزي القارئ الكريم أتمنى أن تكون قضيت وقتاً ممتعاً مع تلك الأسطر المتواضعة وأن أكون قد وفقت لهذه الفكرة وهذا البرنامج والذي آمل الاستفادة منه وتوظيفه لأبنائنا الطلاب.. متمنياً لجميع أبنائنا الطلاب بالتوفيق والنجاح والله أعلم.