رجاء العتيبي
في الغالب يتم رسم المرأة في اللوحات التشكيلية (ذات بشرة بيضاء)، وكأنها خُلقت كذلك في نظرة ربما تكون أقل للمرأة ذات البشرة السمراء، لا أحد يحتفل بها تشكيليًّا في مجتمعاتنا العربية إلا مَن ندر.
ولكنها مع لوحة (اعذريني) للفنان التشكيلي د. سلطان الزياد جاءت المرأة الجالسة يمين اللوحة ببشرة سمراء، وفستان عرس أبيض، في حالة انتظار؛ ما جعلها لافتة للنظر في كل مرة يشاهدها الزوار في الجاليري.
تبدو المرأة السمراء في حالتها التي تنتظر فيها قادمًا ما، لا تعبأ بمن حولها، ووجه باتجاه النافذة، رغم أن أفراد المجتمع الذين جاؤوا بشكل (تجريدي)، لا يكاد يُرى، ينظرون لها من الجانب الآخر من اللوحة بعيون مزعجة، وحدقات حادة، فيما آخرون يبدون بحدقات تائهة بكل اتجاه، وبجوارهم عصفوران رومانسيان، جاءا بلون برتقالي ناعم، ألوانهما لون الخلفية نفسها مع لمسات بيضاء خفيفة، تعطيهما بُعدا ثلاثيًّا لا تراه، وإنما تستشعره كطيف جميل.
اللوحة كبيرة نوعًا؛ مقاسها 180سم × 200سم، تلخص مأساة إنسانية مسكوتًا عنها، أو الحديث عنها قليل، أو أن الواقع فرض نفسه وانتهى الأمر. لوحة كانت محل أنظار زوار الجاليري في معرض (رباعيات) الذي نظمته صالة (التصميم القادم) قبل أسابيع.
هذه اللوحة التشكيلية بجمالها ودقتها وروعتها لا نبغي أن تكون محاطة داخل برواز أبيض؛ ما الذي يمنع أن تكون محاطة داخل (كادر) سينمائي، يشاهدها كل البشر؛ لتُرى حالة إنسانية نتضامن معها كفنانين على الأقل بلا استثناء؛ ذلك أن الأكرم عند الله الأكثر تقوى، وليس غير ذلك، لا جاه ولا مال ولا نسب ولا لون ولا عرق ولا طائفة ولا حزب، ولا أي شيء سوى أنه تقي.
اللوحة والفيلم عندما يلتقيان في موضوع كهذا سيكون بينهما حوارٌ آخر، غير حوار الألوان. هناك حوار بصري، حوار حركي، حوار مشاعر وأحاسيس وعواطف.. سترمي الحوارات كرة من الماء في بحور العرب؛ لتنداح دوائر متتابعة، كل دائرة تحمل سؤالاً، أو عتابًا، أو تحفظًا، أو تعديلاً، أو توضيحًا، أو قضية.
الفنون عندما تتعاضد تعطي معاني أكبر وأشمل وأوسع، والفيلم السينمائي سيعطي هذه اللوحة بُعدًا آخر، يغطي بعضًا من عالم الإنسان الفسيح الذي لا يكفيه فن واحد، وإنما فنون كثيرة، ومبدعون كُثر.