أ.د.عثمان بن صالح العامر
أذكر في أول لقاء شرفني فيه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز بالجلوس إليه والتحدث معه عقب تعينه نائباً لأمير منطقة حائل قبل أكثر من عشرين عاماً، أذكر أنه قال لي - وكنت حينها عميداً لكلية المعلمين بحائل -: (الإنسان المسئول تختاره القيادة الحكيمة بعناية واهتمام، لأن دوره لا يقتصر على تطبيق النظام وإقامة قيمة العدل بين الناس مع أهمية ذلك طبعاً، ولكن رسالته ومهمته أكبر وعظم من ذلك بكثير، على رأس واجباته الوظيفية جميعاً وأهمها على الإطلاق احتواء الناس، والقرب منهم، واللقاء بهم، وفتح قلبه لهم، والصدق معهم، وخدمتهم، وجلب النفع لهم قدر المستطاع -فيما لا يلحق الضرر بالآخرين طبعاً- فنحن هنا بلا استثناء جئنا لخدمة المواطن والمقيم والزائر في هذه المنطقة ومؤتمنون على ذلك، وفي ذات الوقت من مهام المسئول أياً كان تحفيز العاملين معه، وإشعارهم بواجبهم الديني والوطني، ولولا عظم هذه الأمور وأهميتها لدى ولي الأمر لكانت الحاسبات الآلية والتقنيات الحديثة أخير منا في تطبيق النظام، ولكان بالإمكان الاكتفاء بتكليف رجل إداري وليس قياديا إكاديميا أو صاحب خبرة ودراية وعلم ومعرفة لتسير الأمور وشغل المنصب) حينها أيقنت أنني أمام قيادي من طراز رفيع.
كما أن من الذكريات التي لم تغب عن البال في ثنايا ذلك اللقاء، أنه كان على مكتب سموه الكريم زجاجة داكنة جميلة، قال موضحاً سرا ما أرى: (...كانوا يقولون من باب التهكم واستبعاد التحقق حين لحظة الغضب وطلب الانصراف «بلط البحر»، وبالفعل بُلط البحر، وصار لا مكان لهذا القول اليوم، بل إنني شخصياً ذهبت أكثر من ذلك بكثير إذ بعت الهواء، بعت هواء القرن العشرين 1999م مع مطلع القرن الحادي والعشرين، هذه الزجاجة التي ترى بيعت بـ85 دولارا وبكميات كثيرة)، هذا التبيان من مقام سمو الأمير جعلني أجزم أنني في حضرة رجل يفكر خارج الصندوق، وهذه من أبرز سمات القائد الفذ كما هو معلوم.
مع مرور الأيام وتوالي السنوات والأعوام بدأ سموه الكريم يُخفت بإرادته السمة القيادية لديه لتبرز في شخصيته رعاه الله الإدارة العقلية، وأظن أن ذلك يعود إلى طبيعة المرحلة، ولما لدى سمو الأمير من قيم متميزة وأخلاقيات رفيعة، ونزولاً عند طبيعة المنصب الذي يشغله إبان تلك الفترة.
لقد عرفت عنه - وفقه الله - في تلك المرحلة التي كان يشغل فيها منصب نائب أمير منطقة حائل امتلاكه فن إدارة العواطف والمشاعر، وفن ترتيب الأولويات الوظيفية حسب إمكانية تنفيذها، وفن التعامل مع الملفات قرباً وبعداً سرعة وبطئا، وفن توظيف الوقت، وفن إدارة المناسبات، وفن التسديد والمقاربة، إلى غير ذلك من فنون الإدارة التي أبحر في الحديث عنها أهل الاختصاص، ولي على كل فن من هذه الفنون في شخص سمو الأمير شاهد ودليل.
وفي 25 رجب 1438 للهجرة الموافق 22 أبريل 2017 للميلاد صدر الأمر الملكي الكريم من لدن مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز القاضي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أميراً لمنطقة حائل لتعود معه وتبرز منذ اليوم الأول شخصية القائد المحب والإداري المتعقل، وللحديث بقية عن هذين الجانبين في شخصية عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز يوم الجمعة القادم بإذن الله، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.