د. أحمد الفراج
بعد أن صوّت مجلس النواب الأمريكي على تمرير الاتهامات ضد الرئيس ترامب، وهي ممارسة ديمقراطية صريحة، كفلها الدستور الأمريكي؛ وبالتالي لا يحق لنا أن نتساءل عن مشروعية ذلك؛ فهو إجراء دستوري بامتياز، لكن يحق لنا أن نتساءل عما إن كان هدف الديمقراطيين تحقيق العدالة، أم الاستمرار في ملاحقة ترامب على أمل الإطاحة به قبل الاستحقاق الرئاسي القادم؟ وحتى نكون موضوعيين، لا بد من التأكيد أن ما فعله ترامب كان مخالفة، ولكنها المخالفة ذاتها التي ارتكبها الديمقراطي جوزيف بايدن عندما كان نائبًا للرئيس أوباما، وصمت الديمقراطيون حيالها صمتًا مطبقًا، بل إن بعض المعلقين يعتقدون أن مخالفة بايدن كانت أسوأ. ولم أكن لأتطرق لهذه الممارسة الديمقراطية لو لم نكن في زمن الخلاف الحزبي الحاد الذي تعيشه أمريكا حاليًا، أو بالأصح الخلاف الأيديولوجي، الذي لم تشهد له أمريكا مثيلاً منذ زمن بعيد.
مجلس النواب الأمريكي مارس هذا الحق ثلاث مرات من قبل، مع الرئيس أندرو جانسون قبل أكثر من قرن، ثم مع الرئيس نيكسون قبل نحو خمسة عقود، ثم مع بيل كلينتون قبل عقدين من الزمان. وفي كل مرة كانت المخالفة تستحق ممارسة الحق الدستوري بالعزل. والأهم هو أنه لم يكن هناك خلافٌ حزبي حاد؛ وبالتالي كان حتى بعض أعضاء الكونجرس من حزب الرئيس يقفون ضده، أو على الأقل يقفون على الحياد، رغم أن هناك من يعتقد أن اصطفاف الديمقراطيين ضد ترامب يشبه اصطفاف الجمهوريين ضد أندرو جانسون، أول رئيس يصوت مجلس النواب على الاتهامات ضده قبل أكثر من قرن. ولا أظن أحدًا ينكر الانحياز ضد ترامب، ودور هذا الانحياز في التصويت على لائحة الاتهامات ضده.
وخلاصة الحديث هي أن الديمقراطيين مارسوا حقهم الديمقراطي، ولكن هدفهم لم يكن تحقيق العدالة وحسب، بل مواصلة ملاحقة ترامب، والتشويش عليه، قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.