قلقٌ على كنفِ الفؤادِ يواتي
مُستمسكًا بمجامعِ الآهاتِ
قد شفّه طيبُ الحياةِ فعادني
مغرورقَ العينينِ بالدمعاتِ
أغفى فأرهقهُ المُضيُّ كآبةً
ولجا إلى قلبي بقلبِ مُواتِ
قد هيّض الجرحَ النبيلَ بدمعةٍ
نحتت لها بين الضلوعِ شكاتي
غافٍ على وجعِ تخثّرَ نبضُه
بينَ الجوانحِ مُتعبَ الخفقاتِ
لم ينتفضْ ذلكَ التوجسُ فجأةً
إلا تعثّرَ في جروحِ حياتي
عثرتْ به الآمالُ دونَ بُلوغِها
عطَشًا، ليشربَ لوعةَ المأساةِ
أبدى لهُ الزّمنُ التفاتةَ غادةٍ
شوهاءَ ترسمُ قصةً لوفاتي
متجمعًا كالرملِ فوقَ ضريحِها
وهبوبُ آلامي يزيدُ شتاتي
ها قدْ تكسّرتِ الأَماني وانبرت
تقتاتُ من كدرٍ بها غاياتي
جفّت منابعها فصار فنارُها
لهبًا تخوضُ أُوارهُ لحظاتي
وملامحي سوداءُ أثقلَها الأسى
ما لملمتْ من وجدِها خطواتي
تبدو كنقشٍ عاندتهُ صخورُها
فحروفهُ مكسورةُ القسماتِ
عبثًا تراودُهُ مخايلُ فرحةٍ
إنْ أمطرتْ جفّت مسايلُ ذاتي
ركبت حشودُ المُحزناتِ مشاعري
حتى غدتْ في محفلٍ حَسِراتِ
ناجيت ذكرى المُفرحاتِ فلم تكنْ
إلا سرابًا في صدى فلواتِ
وإذا الهمومُ توارثتْ قلبًا فما
ميراثُها إلا نذيرَ مماتِ
الملهماتُ تساقطتْ لم أَسقها
إلا مكامنَ من لظى عبراتي
والغارقان: أنا وحزني في الدجى
غارا فلم تبلغْ سوى نكباتي
والمهلمان: أنا وشعري أبحرا
في لجةٍ غرقتْ بها كلماتي
والحالمان: أنا وقلبي أزهرا
فتضوّعت في أضلُعي بسماتي
والنابهان: أنا وعقلي كلما
ثارا بنورٍ، أجفلت ظلماتي
غامرت أمواج الحياة مصارعا
متماسكا رغم الأسى بثباتِ
مهما توهمت المصائبُ أنّها
نكتتْ جِراح العمرِ في نظراتي
باقٍ على قلقِ الوجودِ وشامخٌ
لم تثنِ طولُ المُوجعاتِ قناتي
صوتًا إذا نطقَ الجمالُ وجدتني
سحرَ الحروفِ يجول في اللّهواتِ
كالحرّ ماتَ، وما تهيأ غايةٌ
في وكرِه، وأبى سقوط الذات.
** **
- شعر: د. أحمد بن سليمان اللهيب