عبدالعزيز بن سعود المتعب
منذ الأزل والمتميزون قلّة، وندرتهم هذه سبب من أسباب بصمتهم الخاصة في خضم من ليسوا كذلك، سواء في الشعر الفصيح وصنوه الشعبي أو في كل المجالات الأخرى، وبالتالي فإنني لا ألوم بعض الرسائل التي تصل إليَّ يقسو أصحابها لأن أحدهم مُتطلِّب ومتشرِّط ويعتقد أن كل الشعراء يجب أن يكونوا في مصاف (شاعره الكبير المفضل)، وهذا مطلب مستحيل وغير واقعي حتى في مدينة (أفلاطون الفاضلة)، مع تقديري للذائقة الرفيعة والإحساس العالي لأصحاب هذه الرسائل، فهناك من الشعراء المبتدئين من يحتاج إلى تشجيع وتوجيه لصقل موهبته وحث الشاعر على الاطلاع على تجارب من سبقوه وتنويع ثقافته حتى ينمي مداركه ومخزونه اللغوي، وربما أنه لاحقاً سيفوق في تجربته من سبقوه، والأدلة ملء السمع والبصر. أما درجات الشعراء -احتكامًا إلى نصوصهم- فهي أزلية، فليس كل الشعراء امرؤ القيس أو المتنبي، علماً أن الأول من العصر الجاهلي والثاني من العصر العباسي وبين حضورهما وأفولهما سنين طويلة، فهل توقف الإبداع في الشعر عند عصر امرئ القيس أم استمر لآلاف السنين بعده؟! وهذا القياس على كل مجالات الإبداع في الحياة لا الشعر وحده.
وقفة
أبيات من إحدى قصائدي القديمة:
لا تقتل الحاضر ندم لجل مافات
تضيع منك أحلى الفرص في حياتك
خل الهناء ينعش حياتك بهمسات
وصوت الأمل يطرب تفاصيل ذاتك
تشرق بيومك شمس نور المسرَّات
تزيل ظلمة يأس بالعمر فاتك
ما تاقف الدنيا على شخص بالذَّات
مهما تسيَّد وقت من ذكرياتك