«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
منذ أن جزمت الكتابة عن «فيلم الهلال» الذي نشره نادي الهلال على موقعه الرسمي بتويتر ويخص «كواليس رحلة المجد الهلالي الوطني» الذي حقق الهلال من خلاله دوري أبطال آسيا الغائب عن أدراج رياضة الوطن منذ عقد ونصف عقد، أقول منذ أن جزمت الكتابة عن الفيلم احترت في اختيار العنوان المناسب له، فإن قلت إنه فيلم السعادة فهو كذلك في أعين محبيه، وإن قال أحد إنه فيلم الرعب لكارهيه فقد صدق، وإن قلنا إنه فيلم الإنجاز ففيه واقع يحكي لنا قصة مجد لا يضاهيه مجد، ولكن يكفي عن هذا كله بأن نقول إنه فيلم الهلال.
ساعتان وثلث ساعة مدة الفيلم الذي نشره الهلال ليحكي واقع الفريق في رحلة المجد السعودي، ليعيش المتابع لهذا الفيلم قصة الكفاح والنجاح وكأنه متواجد مع أعضاء الفريق، إذ بُثَّ الفيلم بطريقة فيها تشويق ومعايشة للحدث، بدأ منذ البداية، حيث كانت المباراة الأولى مع فريق العين الإماراتي، ليحكي قصة المجد التي بدأت بخطوة وانتهت بملامسة الذهب.
في هذا الفيلم اكتشفنا أمورًا كثيرة في بعض شخصيات اللاعبين، وذلك بعيداً عن مستوياتهم داخل المستطيل الأخضر.. إذ كانت الكلمات التي تنطلق من حناجرهم توحي باتحادهم وقوتهم لتجاوز كل العقبات، فهذا المهاجم الفرنسي قوميز يقول كلمات ككلمات العشاق الذين امتلكهم الهلال وملأ قلوبهم حبًا وشغفًا، قال قوميز قبل مباراة الإياب مع فريق السد بكل ثقة (إن لم نتأهل اليوم فنحن نستحق أن تلغى عقودنا من الرئيس)، هذا حديث القائد الخبير، قال لزملائه اللاعبين الأجانب قبل إياب مباراة الأهلي في الدور الثمن النهائي (نحن لابد أن نتحمل المسؤولية لنفرض شخصيتنا ونصنع الفارق)، وقال لبقية الفريق قبل نهائي آسيا (دعونا نعيد الكأس لأرضنا بعد عشرين عاماً، فالكل يعرف بأن هذه بطولتنا، ففي عام 2017 تغلبوا علينا بالحظ، وعادوا اليوم وهم يعلمون بأنه يصعب عليهم الفوز)، وأضاف قوميز في حديثه الشيق والمحفز (ليلة البارحة رأيت في منامي أن الشلهوب يرفع كأس آسيا)، وأضاف (الجميع في الوطن ينتظرنا).. كانت هذه الكلمات أكبر محفز للاعبين، فهي لم تصدر من لاعب نشأ في الهلال وامتلكه حب النادي، بل قالها لاعب فرنسي جاء للهلال قبل سنة فقط!!
هكذا كشف لنا الفيلم عن شخصية المهاجم الخطير والهداف قوميز الذي انطلقت منه كلمات ليس كبقية الكلمات، كلمات فيها معاني القيادة والقوة والإصرار والعزيمة، كلمات بسيطة ولكنها وصلت لقلوب اللاعبين، واليوم تصل لقلوب الجماهير ليعرفوا ما دار خلف الكواليس.
وقبل مباراة الإياب التي جمعت الهلال بفريق الاتحاد في الربع نهائي بعد أن انتهت مباراة الذهاب بالتعادل السلبي، تحدث سالم الدوسري وقال (في مباراة اليوم إن لم نتحمل المسؤولية في الملعب فلن نفعل شيئًا، اليوم هي مباراتنا، أما نكمل أو نخرج، كل لاعب يخطئ ولابد أن لا نعاتب أحدًا بقدر ما نصحح الخطأ).
وقبل النهائي (ذهاباً) تحدث سلمان الفرج ليحث زملاءه على الفوز، ولكن الكلمة الأهم كانت لقائد كتيبة الهلال محمد الشلهوب الذي كان في كل لقاء يمنح زملاءه الثقة بكلمات العاشق المغرم، قال الشلهوب قبل ذهاب النهائي (يجب أن نساعد بعضنا أكثر من أي وقت مضى، وأي لاعب يخطئ لابد أن نساعده جميعاً، فالمباراة تسعين دقيقة ولابد من التركيز). وبين شوطي هذه المباراة، وفي غرفة تبديل الملابس كان اللاعبون يثقون من الفوز رغم خروجهم بالتعادل السلبي، ويطالبون بالاستمرار على الرتم نفسه، وتحدث معهم المدرب بكلمات كشفت لنا عن شخصيته الفنية، شرح لهم كيف يديرون المباراة، وطالبهم بالقوة والصبر وعدم الاستعجال، وفصّل لهم طريقة التكتيك وكيف يتعاملون مع المنافس.
وقبل مباراة إياب النهائي عاد قوميز مجدداً ليبث روح الانتصارات في فريقه، (أنا واثق بأننا سنبكي من شدة الفرح لأننا سنفوز، تعاملوا بخبرة واهتموا بالتفاصيل الصغيرة، كونوا هادئين وواثقين فنحن الأفضل)، ليعود القائد الأسطوري محمد الشلهوب ويؤكد بأن الكرة بالعقل والمباراة تسعون دقيقة وعلينا تحمل المسؤولية لنفوز باللقب).
في هذا الفيلم شاهدنا مدى الحب والألفة والاتحاد بين اللاعبين، شاهدنا كيف كان اللاعبون يشعرون بقيمة ارتداء شعار الزعيم العالمي، كانت كلماتهم توحي بذلك، وتصرفاتهم تدل على ما نقوله.. في هذا الفيلم استطاع المشجع البسيط أن يعيش أجواء الفريق في هذه البطولة، ليعرف كيف كان يُدار العمل الفني من المدرب واللاعبين أنفسهم.
أما كلمات الرئيس الهلالي فهد بن نافل بعد نهاية البطولة والخاصة بالفيلم فقد أعطت موجزاً عن شخصية الرئيس الذي منذ اليوم الأول في إعلان ترشحه كانت شخصيته واضحة بالنسبة للإعلام، فقد جاء للعمل والجد ولم يأت لغيرهما، وقد فعل ذلك، فقد جهَّز فريقًا لا يُقهر، حقق الذهب الآسيوي بعد غياب طويل، وشرَّف الوطن في المحفل العالمي، كذلك لا يمكن نسيان دور مدير الكرة سعود كريري الذي منح اللاعبين من خبرته ما يكفل لهم الثقة، وكانت كلماته لهم محفزة.
في الختام، لا نقول إلا شكراً لمن قدَّم لنا هذا الفيلم بهذه الطريقة التي جعلتنا ونحن بعيدين عن المشهد نعيش ونتعايش مع أجواء البطولة وكأننا مع الفريق في غرفة تبديل الملابس، شكراً لمن قام على هذا العمل الإعلامي الذي يُمنح لصاحبه درجة التفوق بامتياز، فقد اجتهد ووُفق، فشكراً من القلب.