فهد بن جليد
نجح القضاء السعودي باقتدار كبير في تطبيق العدالة الكاملة في قضية جمال خاشقجي -رحمه الله- بعيدًا عن الضغوط والمتاجرات والمزايدات التي رافقت الحادث، وظهرت الأحكام متدرِّجة من القصاص إلى السجن وصولاً للبراءة، بعدما وقف الجميع بتجرد أمام مسطرة واحدة للبحث عن الحقيقة، وتقديم المتورطين للعدالة. وهو موقف المملكة الواضح والثابت منذ البداية، بالالتزام بكشف الحقيقة، ومعاقبة الفاعلين. واليوم يثبت القضاء السعودي نزاهته واستقلاليته أمام العالم أجمع وهو يُصدر أحكامًا ابتدائية ضد المتورطين في هذه القضية بعد جلسات قضائية (شفافة)، قدم فيها كل طرف ما لديه من واقع تحقيقات النيابة، ومرافعات المتهمين ومحاميهم، وأصحاب الحق الخاص، بحضور أبناء المجني عليه ووسائل الإعلام وجمعية حقوق الإنسان ودبلوماسيين من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والجانب التركي، قبل قفل باب المرافعات، وإصدار الأحكام الابتدائية التي أوفت بالعهد السعودي في تطبيق العدالة بشفافية تامة، تقطع بها المملكة الطريق على المتربصين وتجار الدم الذين حاولوا الخروج بمكاسب حزبية وشعبية بالمتاجرة بهذه القضية.
السعودية أدارت الملف بحكمة وثبات ورشد كبير، أسهم في إبطال مكائد ودسائس ومكر المتربصين والمبتزين الذين حاولوا استغلال المنابر لتصدير مشاكلهم الداخلية، وتغليف عجزهم وضعفهم بترديد قضية خاشقجي بمناسبة ودون مناسبة، وكأنها القضية الأولى في العالم للتشكيك في قدرة المملكة، وتصوير عدم رغبتها في الوصول للحقيقة، بينما الواقع غير ذلك؛ لتطير بأحاديثهم وروايتهم المختلقة الركبان والقنوات الحزبية باللمز والتلميح أحيانًا، والتصريح أحيانًا أخرى، ولكن المملكة ألجمت أفواههم، ولم ترضخ لابتزازهم، وقدمت للعالم درسًا في كيفية إدارة الأزمات بهدوء وحكمة وشفافية ونزاهة وتحقيق العدل بعيدًا عن الضغوط، بل فتحت قاعة المحاكمة وجلساتها أمام العالم، بينما كان بإمكانها - بكل بساطة - إقامة المحاكمة في غرف سرية مغلقة، كما هو حال المحاكم في دول من يتشدقون بالعدالة في قضية خاشقجي، ويتاجرون بها، ولكن الشفافية عنوان العدل والنزاهة واستقلال القضاء السعودي.
العدالة مضت في الأرض السعودية منذ تأسيس هذه البلاد، واليوم نحن أمام واحدة من صفحاتها المشرقة التي سيذكرها التاريخ بشهادة أبناء المجني عليه -رحمه الله - وجمعيات حقوق الإنسان والمنصفين حول العالم. وبكل تأكيد سيناريوهات الكذب والتشكيك لن تتوقف عن السعودية؛ لأن من يصدرها ويطلقها ببساطة لا يبحث عن العدالة في هذه القضية تحديدًا، بل هو يريد تسييسها واستغلالها لمآرب وأهداف وأطماع سياسية وحزبية، باتت مكشوفة للعالم، وهي أبعد ما تكون عن النزاهة وأخلاق المسلمين الحقة التي يفقدها هؤلاء.
وعلى دروب الخير نلتقي.