عبدالوهاب الفايز
أينما يقف جنودنا على ثغور بلادنا، ورجال أمننا والعاملون على حفظ الأرواح والسلامة، واجبنا أن نقف تقديرًا لتضحياتهم، ومن هؤلاء يأتي إخواننا وأخواتنا العاملون في الدفاع المدني، فهؤلاء وضعوا أرواحهم على خط النار، قلوبهم معلقة بالأجرس.
هؤلاء العظام بمسؤولياتهم وبـ(روح الفزعة والنخوة)، عندما يشتد الشتاء وتقبل الأمطار نتذكرهم، ونتذكر حجم المخاطر على السلامة العامة للناس، بالذات الذين يعتمدون (الدفايات الكهربائية، أو دفايات الكيروسين)، ونتذكر الأروح التي فقدناها بسبب الأدوات الكهربائية الرديئة، أو بسبب من يتجاهلون أهمية السلامة لأنفسهم ولغيرهم ممن يخاطرون بأرواحهم لاقتحام الأودية أثناء السيول. بعض هذه الهموم الوطنية وجدنا الفرصة لنناقشها مع مدير الدفاع المدني الفريق سليمان العمرو وقيادات الجهاز في ديوانية جمعية كتاب الرأي السعودية.
المديرية العامة للدفاع المدني جهاز يتطور وتتعدد منجزاته، ومبادراته.. وتطارده الهموم والتحديات الكبرى التي لن يستطيع مواجهتها إذا لم تكن اعتبارات ومتطلبات السلامة (جزءًا أصيلاً في سلوكنا) جميعًا، فالسلامة ليست حالة وعي ننتظر نموها، وقضية نعلقها على (الثقافة والزمن). سلامة الناس في كل جوانبها، هي حق إنساني وجزء أصيل في العقد الاجتماعي يطبق ويفرض بالأنظمة الصارمة، وبالحوافز والعقوبات، وبالقدوة الحسنة، حتى ننمي ونعزز السلوك الضروري للسلامة.
الأمر المطمئن الذي حدثنا عنه الفريق العمرو وقيادات الدفاع المدني هو أن الحكومة لا تتأخر في دعم كل ما يحتاج إليه الدفاع المدني من موارد بشرية وتجهيزات وآليات ضرورية لعمله، وما يقلقهم، كمسؤولين وكمهنيين محترفين، أن الأوضاع القائمة سوف تجعل الدفاع المدني يضطر إلى الموارد المالية الكبيرة والمستدامة.
لذا هم يَرون أن هذا الإنفاق السخي الحالي وحتى نعظم الاستفادة منه ولا نهدره يحتاج إلينا جميعًا، حكومة ومجتمعًا وإعلامًا، تبنى الأمور المساعدة للدفاع المدني ليكون الجهاز المتأهب للمخاطر، القادر على مطاردة نمو بلادنا المتسارع، فهو مطالب بالتواجد وخدمة 16 ألف تجمع سكاني، إضافة إلى خدمة التجمعات الصناعية، والإنقاذ والإغاثة والتدخل في الحالات الخطرة.
في مقدمة التحديات التي تحتاج إلى جهدنا يأتي ضرورة (تطوير التشريعات) التي تضبط اعتبارات السلامة في الأمور المستجدة في حياتنا، مثل الأنشطة المتنامية في المخيمات والتجمعات الترفيهية والاستراحات، فهذه تخضع الآن للحد الأدني من الضوابط والاشتراطات والتي غالبًا لا تركز على الأمن والسلامة، ونحن نسمع يوميًا عن حوادث حريق في المخيمات.
أيضًا نحتاج إلى التشريعات التي تلزم وضع كواشف الدخان في البيوت، والإحصاءات الحديثة وجدت أن 91 % من الوفيات سببها اختناق وليس حريقًا. هذا يتطلب تحديث أنظمة البناء السكني لكي تأخذ في الاعتبار هذا الأمر، وأيضًا نحتاج إلى المبادرة لإلزام أصحاب المساكن بوضع هذه الكواشف خصوصًا أن أسعارها غير مكلفة.
أيضًا حتى نعظم المنافع من الإنفاق الحكومي الذي وضع البنية الأساسية للدفاع المدني نحتاج إلى المضي بتطوير (صناعة السلامة الوطنية)، وهذا يعني وضع الحكومة برنامجًا لإسناد خدمات الدفاع المدني إلى شركات وطنية مساهمة متخصصة، وهذا له منافعه الاقتصادية العديدة، ويساعد في مواكبة الطلب المتنامي على السلامة المدنية. إضافة إلى تنمية مؤسسات التأهيل والدراسات والأبحاث. وهذا التوجه سوف يحول الجهاز للتركيز على التشريع والتنظيم ومراقبة الجودة.
لدينا الآن تحديات مواجهة المخاطر الطبيعية، والصناعية، والاضطرابات الإقليمية والنمو العمراني المتسارع وظهور المباني العالية وزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين وتحديات القوى العاملة المتخصصة، وتحديات تسارع تبدل التقنية ومتطلبات بيئة العمل.
كل هذه تحديات رئيسية لن يستطيع جهاز يرتبط باعتبارات الحكومة المالية والتنظيمية سرعة وكفأة التعامل مها، خصوصًا أنه يعمل في مجال حماية أرواحنا وممتلكاتنا.
شكرًا للفريق سليمان العمرو الذي جاء مع زملائه إلى جمعية كتاب الرأي ليضعنا إزاء واجباتنا الوطنية، فمن واجبنا مشاركة الدفاع المدني تحدياته والعمل معه كشركاء في الحلول، إنهم يحملون على عاتقهم همومنا جميعًا، ويشكرون أن لديهم القناعة بأن الإعلام ما زال شريكاً فاعلاً وحيويًا.