فهد بن جليد
في أغسطس الماضي خاض الرئيس ترمب معركة شرسة لخفض أسعار الأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل تحقق جزء كبير ممَّا أراد، وقال حينها يجب أن ندفع أقل من غيرنا، فأسعار الأدوية في كندا والمكسيك وأوروبا أرخص، وقد ألزمت الحكومة شركات تصنيع الأدوية بالكشف عن أسعارها في الإعلانات المُتلفزة كإجراء يزيد من الشفافية والرقابة، في المملكة اليوم قطعت هيئة الدواء والغذاء مشواراً طويلاً في هذه القضية، وبتنا نحصل على أكثر من 300 دواء بسعر مخفض أقل بكثير عن الدول المجاورة، وأذكر أنَّني احتجت في الأسبوع الماضي (لدواء) في دولة خليجية شقيقة دفعت ضعف سعره في المملكة، وهذه أخبار مُفرحة وسارة جداً، في ظل ارتفاع الأسعار الذي يشهده العالم من حولنا.
الخطوة لم تأت كمُبادرة من شركات الأدوية أو تجار قطاع الصيدلة بل جاءت بفضل جهود وسعي الهيئة السعودية للغذاء والدواء في تحديث الضوابط والإجراءات التي تنظّم تسجيل وتسعير المُستحضرات الصيدلانية حسب لوائح وقواعد تسعيرة الأدوية، بما يُحقق التوازن المطلوب لأسعار الأدوية في السوق السعودية تماشياً مع رؤية المملكة 2030 في تعزيز حماية الصحة العامة بتوفير الدواء الفعَّال والآمن بالسعر المُناسب، لك أن تتخيل بأنَّه في خضم تزاحم التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، يأتي انخفاض سعر بعض الأدوية خصوصاً - علاجات الأمراض المُزمنة - التي يحتاجها المريض بكميات كبيرة وبشكل مُستمر، كبلسم سعادة وتفاؤل حتى للأشخاص غير المعنيين بشراء أو استخدام تلك الأدوية، فمُجرَّد سماع انخفاض الأسعار يبعث الطاقة الإيجابية في نفسية المُستهلكين في السعودية.
صفحات هذا الملف لا تنتهي، فالأدوية بحاجة لمُراجعة دورية مستمرة من جهة الاختصاص، ولديَّ نقطة أخيرة أختم بها، وهي قضية التسوق الإلكتروني العلاجي، بطلب بعض الأدوية من الشركات المنتجة عالمياً بشكل مباشر عبر البريد، وإن دلَّ مثل هذا التصرف عن تطور ثقافة المجتمع وتقدمه إلاَّ أنَّه يتطلب مزيداً من الرقابة والمُراجعة من هيئة الغذاء والدواء لمعرفة السبب ومُراجعة السعر والبديل المحلي، ومُراقبة الجودة والصلاحية حتى لا يقع المُستهلك السعودي ضحية استغلال ما وراء الحدود هذه المرَّة.
وعلى دروب الخير نلتقي.