د. صالح بكر الطيار
أزور مدينتي ومسقط رأسي المدينة المنورة مرات متعددة في العام، وما إن أغيب عنها حتى أشتاق إليها؛ ففيها عشت أجمل أيام عمري، وفي طرقاتها وميادينها درستُ وتعلمتُ وكافحتُ.. وفيها ذكريات الطفولة، ووسطها أتذكر تلك الأيام التي عشتها بين أبي -رحمه الله- ووالدتي -أطال الله في عمرها-. وعندما أعود إليها أجد أن الخير في ازدياد، والطيب في تنامٍ؛ فأهل المدينة المنورة كرماء؛ اعتادوا على العيش بتكافل وتعاون رغمًا عن سيطرة الحضارة ووجودها كعامل أسهم في تغيُّر البشر إلا أن الأمر في المدينة يختلف؛ فتلك الأرض التي عاش فيها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ودعا لها ولأهلها، ولّادة بالعطاء، وفيها من الفرج في العيش والرزق والارتياح والتسامح والصلاح ما يعجز القلم عن وصفه وكتابته؛ لذا تبقى المدينة المنورة مجالاً خصبًا للبحث في اتجاهات الخير، وسبل الراحة في أرضها، وتحت سمائها.. والكل ينعم بزيارة المسجد النبوي الشريف وما يشهده من تطوير مذهل، وزيارة الأماكن التاريخية والدينية في طيبة الطيبة، تلك الأرض التي تحتضن قبر الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وصاحبيه -رضوان الله عليهما-، ومئات الرفات من الصحابة -رضوان الله عنهم-، فضلاً عن الثروة التي تمتلكها أرض المدينة في الزراعة والصناعة والتعدين وسط ثورة تنموية كبرى، تشهدها المدينة ومحافظاتها تحت توجيهات قيادتنا الرشيدة، ومتابعة وإشراف سمو أمير منطقة المدينة المنورة وسمو نائبه؛ لذا فإنها على مواعيد حافلة بالنمو الكبير في مختلف أصعدة البناء والتطور للإنسان والمكان.
إنها المدينة المنورة ثاني أطهر بقاع الأرض وأجمل المدن وأقربها إلى القلوب، التي تحمل في طيات تاريخها كل معاني البطولة والمجد الإسلامي، وتمتلك كل مقومات السياحة الدينية والثقافية، وكل مكملات العيش الرغيد في أرضها الطيبة، ووسط أهلها وسكانها الذين يعشقون ترابها، ونسمات هوائها، وأصالة تاريخها.
لذا فإن مَن عاش بالمدينة أو زارها سيتعلق فؤاده بها، ويظل في شوق دائم حتى يزورها.. وهذا من أسرار حب مدينة الرسول، ومن بشائر الخير على هذه الأرض الطيبة، حماها الله، وحمى كل أرجاء هذا الوطن، وحفظ الله قيادتنا وشعبنا، وحقق الله أمنياتنا في الدنيا والآخرة، وأسبغ الله علينا النعم كلها، وأتمها الله علينا، وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.