د. أحمد الفراج
هناك موقف حاد للغاية ضد الرئيس ترمب، سواء في الداخل الأمريكي، أو خارج الإمبراطورية الأمريكية، وهذا متوقع من خصومه الديمقراطيين، فهو جاء من اللامكان، عالم رجال المال والأعمال، واقتحم أسوار واشنطن السياسية بمغامرة كبرى، ولم يكترث بحملات السخرية منه، فقد استغل الإعلام بذكاء منقطع النظير، إذ ركض الإعلام خلفه طلبا للإثارة، مع يقينهم بأنه مجرد أراجوز لن يفوز بالرئاسة، فوفّروا له دعاية مجانية، وصلت إلى المواطن المسحوق، خصوصا في الريف، وإلى الطبقات العاملة، التي سئمت من الساسة التقليديين ولم تعد تثق بهم، فمن كان سيصدق أن ثريا لم ينتخب في حياته لأي موقع، سيكون له حظ في الفوز برئاسة أقوى قوة عالمية، ومن مميزات ترمب أنه عنيد وواثق من نفسه، ويزيده الهجوم عليه إصرارا، فهو يعشق التحدي، بل ويسعى إليه، ويجد متعة في مناكفة الإعلاميين، على عكس الساسة التقليديين، الذين يتودّدون للإعلام، ويخشون سطوته، بل ويقدمون تنازلات له.
بعد أن جندل ترمب المرشحين الجمهوريين واحدا بعد الآخر، ومنهم المرشح جيب بوش، الذي كان معظم المعلقين يعتقدون أنه سيكون حصان الجمهوريين الرابح، الذي سيحصد ترشيح الحزب الجمهوري بسهولة، ولم لا، فهو سليل أسرة سياسية عريقة، فوالده وأخوه تسنما رئاسة أمريكا، ومع ذلك تنمّر عليه ترمب، فأفقده توازنه، وجعله يفقد كثيرا من الثقة بنفسه، وبالتالي خرج خاسرا من السباق، ثم بدأ الإعلام يراجع حساباته، فترمب ليس الأراجوز المهرج الذي اعتقدوه، بل مرشح جدّي، بدأ يكسب شعبية جارفة، ولكن الوقت كان قد فات، فقد وصلت رسالة ترمب، الجديدة والمختلفة إلى شرائح واسعة من الناخبين، وتفاعلت معها، ووجدت فيها شيئا مختلفا عن روتين الساسة المكرر، ولا أظن الإعلام الأمريكي ارتكب خطأ يماثل هذا الخطأ، كما لا أظنه ندم على شيء مثل ندمه على خدمة ترمب المجانية، فمحاولاتهم لتدميره، كانت أحد أهم الأسباب لبروز اسمه، وبالتالي صعوده الصاروخي في عالم السياسة الأمريكية، وسيتواصل الحديث!.