عبدالعزيز السماري
من المصطلحات الغائبة عن الأنظمة السعودية في العمل هو التنمُّر واستغلال النفوذ لإلحاق الضرر بالعاملين. والتنمُّر في مكان العمل موجود في مختلف بيئات العمل؛ فوفقًا لدراسة عن مكان العمل، فإن 27 في المئة من المشاركين في استطلاع عام 2014 لديهم تجربة حالية أو سابقة في مجال التنمُّر في مكان العمل، بينما كان 72 في المئة على دراية بحوادث البلطجة في مكان العمل.
سمعتُ من قصص التنمُّر في بيئة العمل المحلية ما يشيب له الرأس؛ وهو ما يستدعي الاهتمام بالأمر، وعدم إعطاء البلطجي مساحة ليعامِل موظفيه بالعنف الإداري. ومن قصص التنمُّر رمي الأوراق في وجوه الموظفين، أو فصلهم تعسفًا، أو عزلهم في مقعد منعزل، ومنع ممارستهم العمل اليومي لدفعهم للاستقالة، أو الشتم والسب المباشر، أو تشويه السمعة، وقذف الآخرين بما ليس فيهم..
من أسوأ أصناف العنف الإداري عندما يكون الإداري المتنمر أداة لمسؤول أعلى منه؛ وهو ما يعني إطلاق يده لممارسة البلطجة الإدارية مقابل توفير الحماية له، والوقوف معه عندما يستدعي الأمر ذلك. وهي حالة شائعة في عالم الإدارة. وإذا لم يتم استدعاء القانون في تغطية مثل هذه الجرائم ستستمر الحال كما هي عليه..
لكنَّ أسوأها على الإطلاق أن يستغل المسؤول الأجنبي علاقاته الاجتماعية بالنفوذ للضرب في كل اتجاه لإرضاء أحقاده وعواطفه ضد أبناء الوطن؛ وهو ما يزيد من المشاعر السوداء في مكان العمل. وقد لا يعي صاحب النفوذ أن هذه الجرائم تتم تحت حمايته، وتنفيذ أجندة خفية لتحطيم السواعد الوطنية.. وذلك من المصائب الكبرى..
هي دعوة لبدء مرحلة الدراسات عن أساليب التنمُّر والبلطجة في أماكن العمل، سواء في القطاع العام أو الخاص؛ وذلك من أجل حصر هذا السلوك المدمِّر لبيئة العمل. وإذا شعرت أخي الموظف أو العامل بأنك مستهدفٌ، وتتعرض للبلطجة من قِبل مديرك، فالزم الهدوء؛ فالبلطجي يبحث عن ردة فعلك، وإذا ظهر له أنك تشعر بالألم أو الانزعاج فسوف يجعله ذلك سعيدًا؛ لذلك ابحث أولاً عن طريقة للحفاظ على الهدوء في وجه البلطجة.
أهم خطوات العمل ضد هؤلاء هو بدء التوثيق؛ اكتب ما يحدث ومتى؟ واجمع الأدلة التي تفضح السلوك العنيف تجاهك، واحتفظ بحسابات مفصلة للظروف بكل ما تحمله من تفاصيل وإثباتات وشهود.. لكن يظل عدم وجود قانون يجرم هؤلاء في حال ثبات الأدلة هو المشكل الأول..
فالعامل قد يخسر مكتسباته ودخله بسبب مدير لا يتردد في إشباع رغباته في الإيذاء، ولا يستطيع استرداد حقوقه.
خلاصة الأمر: البلطجة والميل نحو إيذاء الآخرين حالة نفسية أقرب للإدمان؛ فالشخص الذي يميل لإيذاء الآخرين هو عليلٌ، ويحاول بتصرفاته وتنمُّره إرضاء نفسيته المضطربة من أجل أن يصل إلى حالة من النشوة إذا نجح في تركيع أو إخضاع أحد موظفيه.. فهل نتحرك لرصد تلك السلوكيات المشينة في بيئة العمل، وفضحها من خلال حملة رسمية للوعي بالبلطجة في الإدارة؟