د. صالح عبدالله الحمد
المتتبع لسياسة الغطرسة المستمرة من قبل الدولة الفارسية للتدخل في شؤون البلاد الأخرى سياسياً ودينياً وثقافياً واجتماعياً كتدخلها السافر في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض دول إفريقيا والدول المجاورة لها والدول الإسلامية الأخرى، كل ذلك جعل من هذه الغطرسة الواضحة والتدخلات السافرة في شأن الدول، بل والاعتداءات المستمرة على الملاحة والدول وهذا ولا شك يكمن في الإستراتيجية الخاطئة التي اتبعتها ثورة الخميني منذ بدايتها والتي تعتمد على التوسع على حساب الدول المجاورة والتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى بناءً على ما تنص عليه المادة 117 من الدستور الفارسي.
والسياسيون الإيرانيون أنفسهم يعلمون التناقضات العجيبة الداخلية في مجتمعهم والاحتقان الاجتماعي الخطير الذي يزداد توتراً كل يوم كان من نتائجه الاعتراض على السياسة الهمجية التي تنتهجها هذه الحكومة المتغطرسة في تدخلها السافر بشأن الدول الأخرى والسيطرة والصرف على المليشيات في هذه الدول ومدها بالأسلحة والإنفاق على الخونة من مسؤولي بعض هذه الدول، بل وإقامة الأحزاب الداخلية وانشقاقها عن دولها الحقيقية كما هو ماثل للعيان الآن كحزب الشيطان في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن وحزب الدعوة في العراق والحشد الشعبي كذلك وما يماثل ذلك كثير كل هذه التدخلات والإنفاق أنهك الخزينة الفارسية واضطرت الحكومة للتقتير على الشعب وفرض الضرائب وزيادة الأسعار مما أدى إلى انتشار البطالة والفقر والمخدرات، بل والانتحار المستمر ولقد تبيَّن للمسؤولين الفرس تضايق الشعب مما يجري نتيجة خروجهم في اعتراضات كثيرة في الشوارع كان من نتائجها سفك دماء المئات من المواطنين وكذا الجرحى وعدد كبير أُدخلوا بالسجون نتيجة هذه الاعتراضات واستمراراً لسياسة القمع التي هي ديدن هذه الحكومة لم تعترف أن سبب ما حدث هو بسبب أعمالها التي تقوم بها ضد الشعب وإنما أصبحت ترمي هذه الأخطاء وتوهم الشعب أن كل ما حدث هو بسبب التدخلات الخارجية، لكن مثل هذه الادعاءات الكاذبة نتيجة الغطرسة لم يصدقها الشعب واستمر في مخالفة الحكومة والاعتراض على سياستها الفاشلة التي تنتهجها بحق الشعب وبحق الشعوب والدول المختلفة التي هي الأخرى قامت باعتراضات مماثلة على الغطرسة والتدخل في شؤون هذه الدول كما هو حاصل الآن في لبنان والعراق وسوريا واليمن ودول أخرى كثيرة نتيجة السياسة التوسعية وفتحها لجبهات في الدول الآنفة الذكر.
وأصبح من نتيجة استمرار هذه الغطرسة خواء الخزينة الإيرانية وعداؤها المستمر لكافة الدول وإقامة المقاطعات الاقتصادية من قبل دول كثيرة نتيجة سياسة الغطرسة واستمرارها في الخارج، أما في الداخل الإيراني فما زال التوتر مستمراً والأغلبية الساحقة أصبحت حالة تذمر قصوى من طريقة الحكم والظلم والاستبداد.
ولذا فإنه واستمراراً للغطرسة والتعالي عملت الحكومة دائماً على نقل الأزمات خارج البلاد لإبعاد الأنظار عما يحصل في داخلها وعلى إيجاد عدو خارجي من أجل الإيهام على رص الصفوف في داخل المجتمع الإيراني والذي هو خليط من قوميات وعرقيات وديانات مختلفة والتي هي أيضاً متناقضة ومتناحرة فيما بينها، حيث تشعر بأنها مظلومة ومضطهدة من قبل هذا النظام المتغطرس وتستنكر التمييز العرقي الكبير بينها وبين المكوِّن الفارسي والمهيمن على مفاصل القرار والاقتصاد وكان من نتيجة ذلك أن نشأت حركات تحرّر كثيرة بين مكونات المجتمع الإيراني.. في الأحواز وبلوشستان وفي طهران العاصمة..
من خلال هذا السرد المتواضع عن حقيقة الغطرسة الفارسية واستمرارها رغم السلبيات الكثيرة وخروج نتائجها إلا أن الملالي ما زالوا مستمرين في نهجهم العدائي تجاه الشعب في الداخل والخارج، ولقد اتضحت الرؤية لهذا العداء والغطرسة مما جعل الشعب يئن ويعترض على ما تقوم به حكومته وكذلك الشعوب الأخرى التي عرفت هي الأخرى أهداف وأطماع ملالي إيران التوسعية، وهذا كله بمشيئة الله سيكون سبباً مباشراً وعاجلاً لسقوط هذه الدولة المتغطرسة عاجلاً...