علي عبدالله المفضي
أستغرب ممن تضيق نفسه بالنقد البناء أو الملاحظات التي قد تضيف إلى النص ما يجعله أكثر جمالا أو أقل أخطاء، فالوهم ببلوغ درجة الكمال والاكتفاء الذاتي بالتقييم الشخصي للنتاج الشعري يحول دون التقدم والتطور والتجدد والاكتساب والاستزادة من علم ووعي وثقافة الآخرين خاصة حينما تكون آراؤهم بناءة لا غرض من طرحها سوى الرغبة أن يروا نصوصا تستحق أن تضاف إلى لوحة التفوق.
مشكلة الكثير منا الظن بأن القليل من الجمال والإبداع في نص ما -إن وجد- كافيا لاعتبار صاحبه مبدعا حقيقيا لا ينقص قصيدته شيء لتحقق (القصيدة النموذج) والتي تستحق أن تخلد في ذاكرة الشعر فالقصيدة النموذج هي الجديدة في الفكرة والطرح والتناول واختيار الموضوع والبحر والقوة والجزالة والصور والتماسك والتناسق وهي القصيدة التي تجبر قارءها أو سامعها على تكرار سماعها أو قراءتها لعدة مرات ليستوعبها فيفاجأ في كل مرة باكتشاف لم يصل إليه في القراءات السابقة.
أذكر أنني في لقاء تلفزيوني مع الشاعر الكبير (بدر الحويفي) رحمه الله وقد تجاوز حينها التسعين عاما سألته هل كان يستشير في بداياته من هم أعلم منه وأكثر خبرة ففاجأني أنه ما زال يستشير ويعرض قصائده ويستمع إلى منتقدها ويأخذ برأيه ويعدلها عندما يرى الصواب منه فهل نتعلم من روادنا التواضع والثقة في النفس معا؟