بكَت رَحمَةً لِلصَّبِّ عَينُ عَدُوِّهِ
فَما لِحَبيبِ القَلبِ لا يَرحَمُ الصَبّا
بَخيلٌ بِأَن يَحيا القَتيلُ بِلَحظِهِ
وَأَن يَرِدَ الظَمآنُ بارِدَهُ العَذبا
بَعيدٌ عَلى أَنَّ الدِيار قَريبَةٌ
فَحَتّى مَتى بِالبُعدِ يمزجُ لي القُربا
بَذَلتُ لَهُ الوُدَّ المَصونُ وَأَدمُعي
فَلَم يَقتَنِع حَتّى وَهَبتُ لَهُ القَلبا
بَدا لي فَقُلتُ اِردُدهُ قالَ مَلَكتُهُ
وَلَو لَم تَهَبهُ لي تَمَلَّكتُهُ غَصبا
بِعَينَينِ هاروتيَّتَينِ كأَنَّما
يُجَرِّدُ نَحوي مِنهُما صارِماً عَضبا
بَراني هَوى الظَبيِ الغَريرِ وَقادَني
ذَليلاً وَكَم راضَ الهَوى جامِحاً صَعبا
بَلَلتُ رِدائي بِالدُموعِ وَإِنَّما
يُزادُ بِها الباكي عَلى كَربِهِ كَربا
بَعَثتُ رَسولي والخَيال الَّذي سَرى
إِلَيكَ بِدَمعي وَالنَسيمُ الَّذي هَبّا
** **
- علي الحصري القيرواني