أحد أهم مؤشرات النجاح من وجهة نظري المتواضعة, وجود المسؤول وتواصله مع خاصة الناس وعامتهم. دائماً ما ألاحظ أن الجهات الناجحة والتي تؤدي عملها بشكل جيد وتعتمد على مؤشرات أداء موثوقة لا يوجد لديها أي مشكلة ولا تخاف من التواصل مع مستفيديها ومراجعيها, ولا يزعجهم ذلك، بل بالعكس تجدهم أحياناً هم من يبحثون عن مستفيديهم ويحاولون الوصول لهم عبر الاتصال بهم وزيارتهم وعمل لقاءات مفتوحة معهم بشكل دوري؛ ليأخذوا مرئياتهم ويحسنوا من أدائهم, بعكس بعض الجهات التي لا تؤدي دورها كما يجب, فتجد أن مسؤوليها دائماً ما يختبئون خلف أبواب موصدة محكمة الإغلاق، ويضعون حواجز وعقبات كثيرة تحول دونهم ودون المراجعين, ويقطعون التواصل المباشر معهم. وتزعجهم جداً انتقادات الآخرين، ويعتبرونها إساءة لهم.
وهذا يظهر بشكل واضح حين تزور بعض الجهات على سبيل المثال تجد أنهم قاموا بإزالة جميع الأبواب والحواجز، ويمكن للمراجع أن يجلس مع موظفهم مباشرة بشكل ودي ويتم خدمته كما يجب وأكثر, بل إن أكثر خدماتهم متوفرة عبر موقع الكتروني أو تطبيق يخدم المراجعين بشكل كبير جداً، ولا يحتاج المراجع لزيارتهم إلا لأشياء نادرة الحدوث. وتجد أن موظفيهم لديهم وفرة في الوقت؛ بسبب تنظيمهم الرائع ودقة عملهم. فلا أوراق متناثرة ولا مراجعون يتدفقون عليهم، ولا يضيق الوقت عليهم, فينتهي وقت عملهم دون أن يكون لديهم أعمال معلقة أو لم تنفذ.
بينما تجد أن هناك جهة أخرى قد امتلأت جنبات مبناهم بالمراجعين، وتكدس الناس أمام شبابيكهم, فتجد أن موظفيهم يختبئون داخل مناطق ملئت بملصقات كتب عليها: ممنوع الدخول لغير العاملين وكأنهم في قرى محصنة، ويتحدثون إلى مراجعيهم من خلال فتحة صغيرة لا يكاد يسمع بعضهم بعضاً. وتجد أن موظفيهم دائماً ما يتذمرون من قلة الوقت وكثرة المعاملات, فتجد المعاملات متكدسة والأوراق متناثرة في كل مكان، مع ضعف في الإنجاز وبطء شديد في الأداء مع الكثير من التذمر والاستياء.
وتجد أن مسؤوليهم يختبئون بمكاتب تشبه المخابئ السرية، وقد وضعوا موظفين يمنعون المراجعين من الوصول إليهم، لدرجة أنه يتم منع بعض موظفيهم من الوصول إليهم فضلاً عن المراجعين. على مستوى الجهات الحكومية لدينا نماذج مشرفة، أتمنى تعميم تجاربهم على باقي الجهات والاستفادة منها.