د. محمد عبدالله الخازم
أسهم مجلس الاقتصاد والتنمية في تفعيل كثير من الأفكار والقرارات الحكومية التي كانت حبيسة الأدراج أو كانت تراوح في مكانها دون تطور. هذا جهد يستحق التقدير، يحدث بمتابعة حثيثة من المجلس بقيادة ولي العهد ربان الرؤية السعودية المستقبلية. الأعذار ربما غير مقبولة من الوزراء والمسؤولين في التأخير، وقد غدو يتسابقون في تقديم المشروعات التنظيمية التي تتوافق مع رؤية 2030 واحدًا إثر الآخر. هذا الأمر يتوافق مع سرعة العصر وفكر الأعمال الذي يسابق الوقت لأجل الإنجاز. البعض قد يرى أن السرعة تؤثر في الجودة ولكن الملحوظ هو وجود مرونة لمراجعة أي نظام وفق التطبيق كما هو ملاحظ في تعديل مواد عديد من الأنظمة. أتجاوز ذلك للقول إنه ربما نحتاج وضع إطار عام يحكم النظم الإدارية لدينا بحيث نؤسس لنماذج عامة تسير عليها جميع الوزارات. سأطرح هنا أمثلة:
الهيئات الرقابية والتشريعية ما هو وضعها؟ هل نريدها مستقلة تمامًا عن القطاع التنفيذي تمثله الوزارات؟ لماذا نطبق استقلاليتها في بعض القطاعات ولا نطبقها في وزارات أو قطاعات أخرى؟ بعض الوزراء يرأس خمس أو ست هيئات تشريعية - رقابية لها علاقة بقطاعه بالرغم من أنه يفترض استقلاليتها التامة عنه بصفته يرأس الجهاز التنفيذي الذي تراقبه أو تشرع له تلك الهيئات، وبعض القطاعات تم فصل الهيئات الرقابية أو التقويمية والتشريعية عن وزارته تمامًا؟ فلماذا لا تطبق القاعدة على جميع القطاعات؟ على سبيل المثال؛ لماذا هيئة تقويم الاعتماد مستقلة تمامًا عن وزارة التعليم، بينما الهيئة الموازية في الصحة، ليست مستقلة ويرأسها الوزير؟ ما الذي يحكم باستقلالية الهيئة هنا وعدم استقلاليتها هناك؟ بالمناسبة أنا هنا لست بصدد تقييم جهد وتميز جهة دون أخرى أو بصدد تحديد ما هو الأفضل، بقدر أطرح سؤالاً عن هيكلة عامة وربما حاجة إلى وضع إطار إداري عام يشمل الجميع؟
بعض الوزارات تتحمس بشكل كبير لمشروعاتها ورؤيتها وهذا يحسب لها إيجابيًا، لكن أمام هذا الحماس نراها تقوم بمهام تخص قطاعات أخرى. على سبيل المثال؛ تتحمس بعض القطاعات للتوسع في التعليم في مجال أعمالها، بما في ذلك تدريب الكوادر لكنها عندما تفعل ذلك تنسى أن هناك وزارة للتعليم مسؤولة عن جانب التعليم وهناك هيئة معنية بتقويم برامج التدريب، فتتساءل هل يحق لأي جهة مثلاً تأسيس كلية في مجال تخصصها متجاوز وزارة التعليم ومجلس الجامعات؟ والمثال بالعكس لا نتوقع من جامعة أن تتولى تأسيس أوقاف جامعية دون اتباع أنظمة هيئة الأوقاف وتسجيل الأوقاف حسب الأنظمة والمعايير المنظمة لعملها. ليس الحث هنا لتعطيل مشروعات ولكن سؤالي هو، هل يمكن وضع إطار عام يضمن تحديد مهام كل وزارة أو هيئة وعدم السماح لجهة أخرى بتنفيذ مشروعات ليست من صلب اختصاصها؟ أو في حال قيامها بذلك التأكَّد من التزامها بالمعايير التي تطبق على الآخرين؟
أكرر الملاحظة بسرعة إنجاز الكثير من المشروعات بالذات التنظيمية ولكنّ هناك تباينًا في الإطار العام من جهة لأخرى، وقد يكون مناسبًا التأكَّد من تماثل التنظيمات في مختلف الوزارات والالتزام بالمرجعية الإدارية والفنية لكل قطاع..