د. أحمد الفراج
تحدثنا عن قرب بدء الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية، وعن دور ولاية ايوا الصغيرة في تحديد هوية صاحب الحظ الأبرز، وهي أهمية تاريخية، ترسخت على مدى زمن طويل، وعندما تصوت الولاية، فإن معظم المعلقين يتوقع فوز المرشح جوزيف بايدن، فهو المرشح الديمقراطي الأبرز، وحصان الديمقراطيين، وهذا من سوء حظهم بالطبع، فهو أبرز الموجودين في ساحة الديمقراطيين الفقيرة حاليًا، وللتاريخ فإن بايدن ليس سياسيًا سيئًا، فهو خدم طويلاً في مجلس الشيوخ، قبل أن يختاره أوباما نائبًا له، ولكن تكمن مشكلته الأساسية في سلوكياته غير المتوقعة، التي غالبًا ما تثير استغراب المعلقين والمراقبين، وكذلك بعض تصريحاته، التي يطلقها بعفوية، وتسبب له الكثير من الحرج، إِذ سبق أن اتهم بالعنصرية، بسبب تصريحات غير موفقة، تفوّه بها، وهو في هذا يشبه ترمب إلى حد كبير، مع الفارق بين شخصية الرجلين على أي حال.
جوزيف بايدن، الذي ينتمي لأسرة متوسطة الحال، انتقل مع أسرته من ولاية بنسلفانيا إلى ولاية ديلاوير، ثم بعد أن عمل في المحاماة، قرَّر أن يخوض غمار السياسة، واستطاع - بمعجزة - أن يهزم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، كاليب بوقس، الذي كان يملك تاريخًا حافلاً ومدعومًا من الرئيس الجمهوري، ريتشارد نيكسون، وقد ساعد بايدن في ذلك أنه تواصل مع الناخبين مباشرة في تلك الولاية الصغيرة، ولم يكد يحتفل بفوزه بمقعد في مجلس الشيوخ، حتى توفيت زوجته وابنته في حادث مأساوي، ومرَّ بظروف غاية في القسوة، جعلته يفكر في هجر السياسة، ويتفرَّغ لتربية أطفاله، ولولا دعم بعض الساسة الكبار له، لانتهت حياته السياسية باكرًا، وفي تقديري أن هذه المأسأة وما تبعها من ألم نفسي كان لها دور في سلوكيات بايدن التي تحدثنا عنها، وسننتظر ما تقوله ولاية ايوا عنه، فقد تزفّه لترشيح الحزب، كما زفّت أوباما من قبل، وقد تمنحه تذكرة خروج مبكرة من السباق الرئاسي!.