صبحي شبانة
في ظل المتغيرات المتسارعة، والأزمات المتلاحقة، ولغة المصالح المتباينة التي تفرض نفسها، وتتحكم في بناء التحالفات الإقليمية والدولية، وترسم ملامح المستقبل بعد أن أحكمت بشروطها على الراهن، لا وجود في العلاقات الدولية لحسن النيات، خصوصاً في عصرنا الذي يتحكم فيه أمثال رئيس تركيا رجب طيب أردوعان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، اللذان يحتكمان على النفوذ وسلطة المال التي مكنتهما من تدوير وتوجيه وتسليط التنظيمات الإرهابية وتدبير المكائد السياسية ضد الدولة العربية الحديثة في السعودية ومصر والإمارات.
ليس من قبيل المصادفة تزامن غياب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن المشاركة في قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة بالرياض، وعقد قمة كوالالمبور الأربعاء المقبل والتي تجمع ماليزيا وقطر وتركيا وباكستان وإيران، وتأزيم الموقف في ليبيا بعد توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمذكرتي تفاهم مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية الفاقدة المشروعية دولياً وعربيًا والتي تتشكل من تجمع للتنظيمات الإرهابية.
قواسم مشتركة ليست خافية، تطل برأسها وتسفر عن هويتها في ظل توتر متصاعد في المنطقة يمسك فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكرة من اللهب يلهو بها دون وعي أو تقدير للعواقب التي من المؤكد أنها سوف تضع حدًا لأوهامه وتطيح بمشروعه الرجعي الذي يستند على ثالوث الجماعات الإرهابية، والتاريخ الزائف، والأطماع السلطوية التي عفا عليها الزمن وكانت بنت زمانها.
حقد دفين يضمره أردوغان لكل من السعودية ومصر والإمارات وهي الدول التي تتصدى بكل قوة وبأس لأوهامه وأطماعه، وتمضي بخطى ثابتة ومتسارعة في تنفيذ خططها التنموية لتحقيق رفاهية منشودة في العشرية المقبلة التي نقف على أبوابها، أردوغان الذي يدير منظومة التطرف والإرهاب في العالم يصر على تعطيل وعرقلة المسيرة التنموية التي انطلقت وتسير وفقاً لخطط مدروسة وممنهجة في مقابل عجز واضح لأردوغان في فهم أو ملاحقة الحراك التنموي المتصاعد في تلك الدول.
مشكلة أردوغان هو أنه يعيش في زمن مضى على وفاته أكثر من قرن، تجاوزته المنطقة والعالم، لم يدرك بعد أن استعادة التاريخ تكون فقط في أذهان فاقدي الأهلية والرشد، في رؤوس المجاذيب وساكني المصحات العقلية، كثيرة هي النجاحات التي حققتها مصر وأفقدت أردوغان عقله كان آخرها نجاح مصر أخيراً في إطلاق منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم إلى جانب مصر قبرص واليونان والأردن وإسرائيل وفلسطين وإيطاليا، بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص، نجاحات تلو الأخرى وقفزات إعجازية تحققها مصر في ظل تحديات ضخمة ومعوقات يثيرها أردوغان وتوابعه في قطر وليبيا والتنظيم الدولي للإخوان، وهو ما يفسر تحالف أردوغان- السراج.
أردوغان لا يمتلك الأدوات التي تؤهله للعب دور السلطان مجددًا، تلك كانت مرحلة تجاوزها التاريخ الإنساني، أردوغان لا يمتلك سوى المكائد التي في جعبته ويثيرها في وجه دول الخليج ومصر مستغلاً في ذلك المال القطري في محاولات فاشلة يائسة لإشاعة الفوضى وتأليب الاستقرار في كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وهي الدول التي تتصدى بقوة لمواجهة الطموح العثماني والجموح الفارسي والإرهاب القطري.
الدول الحية لا ترهبها أوهام الماضي، والدول الكبيرة لا تأبه بحماقات الصغار، متى يفهم أردوغان؟.