فهد بن جليد
مثل هذه الاستنتاجات تبقى غير منطقية؛ لأن فيها تعميمًا نُشر عن حالات الطلاق في السعودية بداية العام الحالي 2019. وبالأمس أعادت بعض الصحف نشر العنوان، وكأن النسبة ذاتها وقعت في نهاية العام أيضًا، بينما الأرقام السابقة تتحدث عن إحصائية خاصة، وبيان شهري لوزارة العدل، ليس بالضرورة أن ينعكس على النسبة السنوية؛ ومن الخطأ تعميمه بالتأكيد، وإن كنا بالفعل نشهد ارتفاعًا واستعجالاً في حالات الطلاق التي يجب أن ندرسها بعناية وفَهم كامل، ولا يجب أن ننظر إليها بتخوُّف وسلبية (كمصيبة أو حالة انهيار مجتمعي)؛ فهي لا تعدو حالات عدم اتفاق زوجي وانفصال من أجل حياة أفضل لكلا الطرفَين، ولا يجوز -برأيي - تعزيز صورة الطلاق التقليدية، وكأنه نهاية للمرأة المطلَّقة (الطرف الأضعف في المعادلة)، بل قد يكون الأمر على العكس من ذلك؛ فالمرأة ربما مُنحت فرصة أفضل للحياة بالابتعاد عن شخص لا يصلح زوجًا لأي سبب مقنع، إما بتورطه في قضايا نفسية، أو مخدرات، أو مشاكل اجتماعية لا يمكن علاجها نتيجة عدم استعداده أصلاً لبناء بيت أو تكوين أسرة.
علينا النظر للطلاق كحل وليس كمشكلة؛ فهو طريق مشروع ونظامي وقانوني، يتم سلكه واتخاذه عند استحالة الحلول وانعدامها، والخوف منه ليس مبررًا إذا كان حلاً، بينما هو مقلق بالفعل عندما يتم التساهل فيه نتيجة عدم التأهيل الجيد للطرفين قبل الزواج، وعدم استعدادهما وتأثرهما بصورة غير واقعية للحياة الزوجية.
البعض فيما سبق كان ينظر للمرأة المطلقة نظرة مؤذية نفسيًّا باعتبارها بضاعة كاسدة أو غير صالحة، وكأنها هي السبب في الطلاق بعدم نجاحها في تحمُّل الرجل، وعدم صبرها على ضغوطات ومصاعب الحياة. والأمر قد يكون غير ذلك تمامًا؛ فالطلاق اتُّخذ لأن الطرق باتت مسدودة. ومثل تلك النظرة لم تعد تتناسب مع واقعنا اليوم الذي بدت فيه المرأة أقوى من ذي قبل بتمتعها بالمزيد من حقوقها التي كفلها لها الشرع والنظام، وباتت أكثر وعيًا، والمجتمع في عمومه ينظر إليها كشريك رئيس في الحياة؛ لذا لا يمكن تحميل طرف مسؤولية الطلاق دون طرف آخر؛ فالنجاح والفشل يمس كلا الزوجين، حتى لو وقعت حالة طلاق كل دقيقة.
وعلى دروب الخير نلتقي.