هُنا تَخْلُصُ النَّجوَى إلى عِزِّ أجدادي
وَ يَحْكي مَذاقُ (الهَيْلِ) عَنِّي لأحفادي
ومِنْ ها هُنا نَدَّ المِدادُ ـ مَآلُهُ
إليكَ ـ وَسَالَ الوَجْدُ مِنْ بُحَّةِ الحادي
هُنا باتَت الكُثْبَانُ أمراً تَوَثَّقَتْ
عَلَيهِ العُرَى فَافْتَرَّ عَنْ دَهشَةِ الصَّادي
لَكَ الكَوثَرُ المَسكُوبُ حَيثُ تَآزَرَتْ
بُنُودُ المُنى وانْداحَ فَجرٌ بِأبعَادي
أَيَا مَوطِني يا آيةَ البِيدِ للوَرَى
وَيا ذُروَةً شَمَّاءَ حُفَّتْ بإنشَادِ
هُنَالِكَ في أَوجِ النَّقَاءِ تَرَحَّلَتْ
بِكَ الرُّوحُ .. لَمْ أُنْبِئْكَ عَنْ لَذَّةِ الزَّادِ !!
فَلاَ عُرْفَ إلاَّ ما ابْتَكَرْتَ وَلا أَرَى
يَقيناً سِوَى مَثوَاكَ في كُنْهِ آمادي
هُنَالِكَ وَالآمَالُ تَشْحَذُ هاجساً
تَمَثَّلَ للآفاقِ مِنْ غَيرِ أصفادِ
نَذَرْنَا لَكَ الأجفَانَ !! لَو شِئتَ مَرَّدَتْ
لَكَ الصَّرْحَ !! مَفتُوحاً بِبَسمَلَةِ الغادي
وَجِئْنَا على قَدْرِ الهَوَى !! في سِلالِنا
نِدَاءٌ وَلِلأكوَانِ سِيمَاءُ أعيَادِ
فَهَاتِ لَنا سِحْرَ الرِّمَالِ وَصَبوَةً
وَأسطورَةً تُزْجَى إلى مَسْمَعِ الوادي
وَهَاتِ لَنا الأقداحَ .. بَعضُ فُراتِها
حَرِيٌّ بِنَفيِ الإثمِ عَنْ نَشوَةِ النَّادي
وَحُلَّ لَنا المعقُودَ مِنْ أزُرِ الشَّذَا
تَجِدْ صُدفَةً حُبلَى وَأندَاءَ ميعادِ
وَكُنْ نَبرَةً أعلى مِنَ الطَّودِ قَدْ سَرَتْ
إلى النَّجمِ فَازدَادَتْ سُمُوّاً مَعَ الضَّادِ
وَمَثِّلْ لَنَا مَسرَى (الرِّياضِ) إلى العُلا
فُروسِيَّةً لَم تَنْسَ أسمَاءَ أجدادي
وَخُذنَا إلى (أمِّ القُرَى) .. تِلكَ رِحلَةٌ
تُعِيدُ السَّنَا المأثُورَ عَنْ سِيرَةِ الهادي
وَزِدْ (يَثرِبَ) الزَّهراءَ قِسطاً مُقَدَّساً
مِنَ العِشقِ إذ يَغشَى مَحاريبَ عُبَّادِ
أيَا مَوطِني هَذي رُبوعُكَ سَافَرَتْ
بِها النَّفْسُ فاسْتَسْقَتْ أحاديثَ مُرتَادِ
فَسَاقَتْ لَنا أحلى البِشَاراتِ ... نَخلَةً
تَلاقى بِها السَّيفَانِ (مِنْ غَيرِ أحقادِ)
غَسَلنَا بَقَايَا الرَّانِ حينَ جَذَبْتَنَا
إليكَ وَأوتِينَا أسَاريرَ ميلادِ
وَعُدْنَا إلى صَدْرِ الزَّمَانِ كَأنَّنَا
(هُجَينِيَّةٌ) تَنسَابُ مِنْ قَهوَةِ البادي
كَذَا يُصبِحُ (الفِنجَالُ) رَمزاً تَعَلَّقَتْ
عَلَى حَرْفِهِ الذِّكرَى نَيَاشِينَ أمجَادِ
فَخُذْهَا إليكَ الآنَ نَفْحَ مَحَبَّةٍ
أيَا مَوطِني وَانْبِذْ أباطيلَ حُسَّادِ
** **
- شعر/ فهد أبو حميد