في مجلس خاص بروّاد التطوع طُرح سؤال عن صفات القائد، ولم يتأخر أحد عن الإجابة، وأصبح البعض كطلاب متفوقين يعرفون الإجابة التي تصعب على الكثير، وبعدها بقليل حدث موقف عابر، يُعتبر محكًّا حقيقيًّا، يُظهر ما يخبئ القائد من خبرات ومهارات، فانكفأ الكثير على أنفسهم، وحبسوا أنفاسهم، وانشغلوا بأي شيء يشغلهم ويطفئ انتباه الناس لهم؛ كل ذلك حتى لا يرسب هذا القائد في الاختبار العابر.
من السهولة ادعاء كل شيء بالكلام؛ فالبخيل يستطيع أن ينسج من خياله ما يجعل المستمع يظنه أكرم الناس، والجبان حين يستعرض بقصصه الوهمية بطولاته ينخدع به الكثير ممن لم يجربه، لكن الكلام مجرد كلام ما دام خاليًا من الأفعال.. فبريق العبارات وجمال الأسلوب يجب ألا يعمياننا عن الواقع أبدًا. وكذلك القائد الذي يعرف كل معلومة عن القيادة، ولم يمارسها، ليس قائدًا، وإن كان يحمل ذلك الاسم الفخم؛ فالقيادة فعل وليست معلومة.
القيادة هبة من الله، تظهر في مواقف عفوية، يصقلها الإنسان، ويطورها ليكون أعمق أثرًا، وأنجح مهمة في محيطه. وللقائد أسلحة لا بد من وجودها، وهي: رؤية ثاقبة، وتحليل عميق، ومبادرة ذاتية، وحرية تعبير وتفكير، ومهارات اتصال، ومرونة، وشجاعة اتخاذ القرار.
فلا يوجد قائد مؤثر ملهم لا يملك هذه الأسلحة.. وكلما فقد سلاحًا فقد جزءًا من تأثيره، وأصبح قائدًا مع وقف التنفيذ.
في معرض حديث داخلي بين قائد وذاته حاول القائد أن يبرر صدامه بسوء غيره، وفشله بظروف قاهرة، وانقياده لغيره بدعم وثقة، فهمست ذاته في أذنه: إن لم تكن القيادة تحمُّل ضغوط، وتعبيرًا عن أفكار ومشاعر، وتحليلاً وتخطيطًا، فما القيادة؟!