أ.د.عثمان بن صالح العامر
يدخل أولادنا الأحد القادم قاعة الامتحان وهم بين رجاء النجاح وخوف الرسوب. وهذه المعادلة الثنائية ليست وقفاً عند مضمار الدراسة وميدان العلم، بل هي معادلة تشمل جوانب حياة الإنسان كلها، ولذا كان من الضروري توسيع الحديث عن هذين المصطلحين اللذين عليهما مدار الحياة بأسرها. وتنبع أهمية الموضوع هذا من أن معيارية النجاح والرسوب لدينا ليست واحدة، وتفتقد غالباً للمرجعية التي تقوم عليها وتنطلق منها، ولو سألت عامة الناس، بل حتى خاصتهم: من هو الإنسان النجاح في الحياة؟ لوجدت الآراء تتباين والأفهام تختلف وزوايا النظر تتضارب وتتعارض، فما تعده أنت ناجحاً لقدرته على زيادة رصيده المالي، أو لاتساع معارفه وصداقته، أو لكثرة أسفاره وترحاله، أو لجاهه ومنصبه، أو لدرجته العلمية وثقافته العالية، أو لحضوره الاجتماعي ومشاركته المتميزة، قد لا يراه غيرك كذلك لأنه يعرف عنه تقصيره في حق أسرته، وتفريطه في بر والديه، وإهماله لواجباته الشرعية، وغيابه عن مناسبات عائلته الرسمية المعتادة؛ وعدم اكتراثه بتربية أولاده تربية صحيحة.
إن الإنسان الناجح حقاً - في نظري - هو من يحقق التوازن الفعلي بين هذين الطرفين (الذاتي والمجتمعي) فلا يطغى جانب على آخر، فضلاً عن تحقيق هذه الخاصية بين مكونات الإنسان الثلاث (الروح والعقل والجسد) وبهذا تنضبط معادلة النجاح الحياتي، ويسعد الإنسان في دنياه ويفوز في آخرته، أما إذا انساق وراء رغباته، وأسره هواه، ومال به إلى أي من هذه المكونات الثلاثة، أو أنه غلب الفردانية في سلوكه الحياتي وتحكمت فيه الآنية، أو حتى صار اشتراكياً صرفاً، فهو حكم على نفسه بالرسوب في معركة الوجود التي يخوضها جبراً ما دام على قيد الحياة. دمتم بخير، وحقق الله لنا ولكم ولأولادنا جميعاً النجاح والفلاح في الدارين، وإلى لقاء، والسلام.